الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
صفحة جزء
44 - في

تجيء لمعان كثيرة :

للظرفية : ثم تارة يكون الظرف والمظروف حسيين نحو : زيد في الدار ، ومنه : إن المتقين في ظلال وعيون ( المرسلات : 41 ) فادخلي في عبادي وادخلي جنتي ( الفجر : 29 - 30 ) وأدخلني برحمتك في عبادك الصالحين ( النمل : 19 ) أولئك الذين حق عليهم القول في أمم ( الأحقاف : 18 ) .

وتارة يكونان معنويين نحو : رغبت في العلم ، ومنه : ولكم في القصاص حياة ( البقرة : 179 ) . وتارة يكون المظروف جسما ، نحو : إنا لنراك في ضلال مبين ( الأعراف : 60 ) .

وتارة يكون الظرف جسما ، نحو : في قلوبهم مرض ( البقرة : 10 ) .

والأول حقيقة والرابع أقرب المجازات إلى الحقيقة .

وتجيء بمعنى مع ، نحو : في تسع آيات ( النمل : 12 ) فادخلي في عبادي ( الفجر : 29 ) على قول . وأما قوله : ادخلوا في أمم فقيل الأولى للمعية ، والثانية للظرفية وفي ذلك دليل على جواز دخلت الدار الذي هو الأصل .

وبمعنى عند
، نحو : ولبثت فينا من عمرك سنين ( الشعراء : 18 ) .

وللتعليل : فذلكن الذي لمتنني فيه ( يوسف : 32 ) .

وبمعنى " على " كقوله تعالى : حتى إذا كنتم في الفلك ( يونس : 22 ) بدليل [ ص: 264 ] قوله : فإذا استويت أنت ومن معك على الفلك ( المؤمنون : 28 ) وقوله : ولأصلبنكم في جذوع النخل ( طه : 71 ) لما في الكلام من معنى الاستعلاء .

وقيل : ظرفية لأن الجذع للمصلوب بمنزلة القبر للمقبور ، فلذلك جاز أن يقال في .

وقيل : إنما آثر لفظة " في " للإشعار بسهولة صلبهم ، لأن " على " تدل على نبو يحتاج فيه إلى تحرك إلى فوق .

وبمعنى إلى ، نحو : فتهاجروا فيها ( النساء : 97 ) . فردوا أيديهم في أفواههم ( إبراهيم : 9 ) .

وبمعنى من ويوم نبعث في كل أمة شهيدا ( النحل : 89 ) .

وللمقايسة وهي الداخلة بين مفضول سابق ، وفاضل لاحق كقوله تعالى : فما متاع الحياة الدنيا في الآخرة إلا قليل ( التوبة : 38 ) . وللتوكيد كقوله تعالى : اركبوا فيها ( هود : 41 ) .

وبمعنى " بعد " : وفصاله في عامين ( لقمان : 14 ) أي بعد عامين .

وبمعنى " عن " كقوله : فهو في الآخرة أعمى ( الإسراء : 72 ) قيل لما نزلت : ولقد كرمنا بني آدم ( الإسراء : 70 ) لم يسمعوا ولم يصدقوا فنزل : ومن كان في هذه أعمى فهو في الآخرة أعمى ( الإسراء : 72 ) أي عن النعيم الذي قلناه ووصفناه في الدنيا فهو في نعيم الآخرة أعمى إذ لم يصدق .

التالي السابق


الخدمات العلمية