الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
                                                                                                                                            معلومات الكتاب

                                                                                                                                            الحاوي الكبير في فقه مذهب الإمام الشافعي

                                                                                                                                            الماوردي - أبو الحسن علي بن محمد بن حبيب الماوردي

                                                                                                                                            صفحة جزء
                                                                                                                                            فصل : فإذا ثبت جواز البيع وصحة النكاح ، فهذا على ضربين : [ ص: 174 ] أحدهما : أن يكون البيع بعد دخول الزوج بها فقد استحق الزوج مهرها ، سواء كان مسمى في العقد أو غير مسمى : لاستقراره بالدخول الموجود في ملكه .

                                                                                                                                            والضرب الثاني : أن يكون البيع قبل دخول الزوج بها ، فالمشتري يكون بمنزلة البائع لا يجبر على تسليمها إلى الزوج كما لا يجبر عليه البائع ، فإن لم يسلمها المشتري إلى الزوج فلا مهر عليه ، وليس للبائع مطالبته ، ولو كان البائع قد قبضه منه كان للزوج استرجاعه ، فإن سلمها المشتري إلى الزوج حتى دخل بها استقر المهر عليه حينئذ ، ولا يخلو حاله من ثلاثة أقسام :

                                                                                                                                            أحدها : أن يكون المهر صحيحا مسمى في العقد ، فيكون مستحقا للبائع دون المشتري : لأن استحقاقه بالعقد الموجود في ملكه ، فصار كالكسب المتقدم على المبيع .

                                                                                                                                            والقسم الثاني : أن يكون المهر فاسدا مسمى في العقد ، فيحكم الحاكم لها بمهر المثل ، ويكون مستحقا للبائع أيضا دون المشتري : لأن فساده مع التسمية في العقد يوجب استحقاقه بالعقد .

                                                                                                                                            والقسم الثالث : أن يكون عوضه لم يسم لها في العقد مهرا ، لا صحيح ولا فاسد ، فيفرض الحاكم لها مهر المثل ، وفيه قولان :

                                                                                                                                            أحدهما : أنه مستحق بالعقد كالمسمى : لأن عقد النكاح لا يعرى عن مهر ، فعلى هذا يكون للبائع دون المشتري : لاستحقاقه بالعقد الموجود في ملكه .

                                                                                                                                            والقول الثاني : أنه مستحق بالدخول دون العقد : لأنه لو استحق جميعه بالعقد بعد الدخول لاستحق نصفه قبل الدخول وهو لا يستحق قبل الدخول شيئا منه ، فدل على استحقاقها بالدخول ، فعلى هذا يكون المهر للمشتري دون البائع لوجود الدخول في ملكه ، وإن كان العقد موجودا في ملك البائع .

                                                                                                                                            ومثل هذا إذا أعتق السيد أمته المزوجة قبل الدخول ، ولم يسم لها مهرا ، ودخل بها الزوج بعد العتق ثم فرض لها المهر فيكون مستحقه على هذين القولين :

                                                                                                                                            أحدهما : السيد المعتق إذا قيل : إنه مستحق بالعقد .

                                                                                                                                            والثاني : الزوجة المعتقة إذا قيل : إنه مستحق بالدخول ، والله أعلم بالصواب .

                                                                                                                                            التالي السابق


                                                                                                                                            الخدمات العلمية