الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
صفحة جزء
667 - " إذا سافرتم في الخصب؛ فأعطوا الإبل حظها من الأرض؛ وإذا سافرتم في السنة؛ فأسرعوا عليها السير؛ وإذا عرستم بالليل؛ فاجتنبوا الطريق؛ فإنها طرق الدواب؛ ومأوى الهوام بالليل " ؛ (م د ت) ؛ عن أبي هريرة ؛ (صح).

التالي السابق


(إذا سافرتم في الخصب) ؛ بكسر الخاء المعجمة؛ وسكون المهملة؛ زمن كثرة النبت والعلف؛ (فأعطوا الإبل) ؛ ونحوها من الخيل والبغال والحمير؛ وخص الإبل؛ لأنها غالب مراكب العرب؛ (حظها) ؛ أي: نصيبها؛ (من الأرض) ؛ أي: من نباتها؛ بأن تمكنوها من الرعي في بعض النهار؛ وفي أثناء السير؛ جعله حظا لأن صاحبها إذا أحسن رعيها سمنت؛ وحسنت في عينه؛ فينفس بها؛ ولم ينحرها؛ ذكره الزمخشري ؛ وفي رواية - بدل " حظها" -: " حقها" ؛ قال القاضي: حظها من الأرض: رعيها فيها ساعة؛ فساعة؛ (وإذا سافرتم في السنة) ؛ بفتح المهملة: الجدب؛ والقحط؛ وانعدام النبت؛ أو قلته؛ (فأسرعوا عليها السير) ؛ لتصل المقصد وبها بقية من قوتها؛ لفقد ما يقويها على السير؛ قال القاضي: معناه: إذا كان الزمان زمان قحط؛ فأسرعوا السير عليها؛ ولا تتعوقوا في الطريق؛ لتبلغكم المنزل قبل أن تضعف؛ وقد صرح بهذا في رواية أخرى؛ وهي: " إذا سافرتم في السنة؛ فبادروا بها نقيها؛ وأسرعوا عليها السير ما دامت قوية باقية النقي؛ وهو المخ" ؛ (وإذا عرستم) ؛ بالتشديد: نزلتم؛ (بالليل) ؛ أي: آخره؛ لنحو نوم واستراحة؛ و" التعريس" : نزول المسافر للاستراحة آخر الليل؛ (فاجتنبوا الطريق) ؛ أي: اعدلوا؛ وأعرضوا عنها؛ وانزلوا يمنة؛ أو يسرة؛ (فإنها طرق الدواب؛ ومأوى الهوام) ؛ أي: محل ترددها؛ (بالليل) ؛ لتأكل ما فيه من الرمة؛ وتلتقط ما سقط من المارة من نحو مأكول؛ فينبغي التعريج عنها حذرا من أذاها.

(تنبيه) : ما جرى عليه المؤلف من سياقه الحديث هكذا؛ هو ما وقع لبعضهم؛ وقد سقط منه شيء؛ فإما أن يكون سقط في بعض الروايات؛ وإما من قلمه؛ سهوا؛ والذي عزاه النووي في رياضه إلى مسلم وأبي داود والترمذي والنسائي ما نصه: " إذا سافرتم في الخصب؛ فأعطوا الإبل حظها من الأرض؛ وإذا سافرتم في الجدب؛ فأسرعوا عليها السير؛ وبادروا بها نقيها؛ وإذا عرستم؛ فاجتنبوا الطريق؛ فإنها طريق الدواب؛ ومأوى الهوام بالليل" ؛ انتهى؛ قال النووي : قوله: " نقيها" ؛ بكسر النون؛ وسكون القاف؛ فمثناة تحت: أي: مخها؛ ومعناه: أسرعوا حتى تصلوا قصدكم؛ قبل أن يذهب مخها من ضنك السير والتعب؛ وفيه حث على الرفق بالدواب؛ ورعاية مصلحتها؛ وحفظ المال؛ وصيانة الروح؛ والتحذير من المواضع التي هي مظنة الضرر والأذى؛ ويكره النزول بالطريق نهارا؛ أيضا؛ وخص الليل لأنه أشد كراهة؛ و" الهوام" : جمع " هامة" ؛ ما له سم يقتل؛ كحية؛ وقد يطلق على ما لا يقتل؛ كالحشرات؛ على الاستعارة؛ بجامع الأذى.

(م د ت؛ عن أبي هريرة ) ؛ الدوسي - رضي الله عنه.



الخدمات العلمية