الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
                                                                                                                                                                                                                                      صفحة جزء
                                                                                                                                                                                                                                      التفسير:

                                                                                                                                                                                                                                      المراد بقوله: (وإذ غدوت من أهلك تبوئ المؤمنين مقاعد للقتال) : يوم أحد، في قول ابن عباس وغيره.

                                                                                                                                                                                                                                      الحسن : هو يوم الأحزاب.

                                                                                                                                                                                                                                      وأصل (التبوء) : اتخاذ المنزل للسكنى.

                                                                                                                                                                                                                                      (والله سميع عليم) قيل: (سميع) لما يقوله المنافقون، (عليم) بما يضمرون.

                                                                                                                                                                                                                                      وقيل: سميع لما يقوله المشيرون عليك; لأن النبي صلى الله عليه وسلم استشار [ ص: 119 ] المسلمين في الخروج إلى المشركين، فأشارت عليه الأنصار بالخروج.

                                                                                                                                                                                                                                      وقيل: هو للنبي عليه الصلاة والسلام، والمعنى: (سميع) لما تقوله للمؤمنين ، (عليم) بما تضمره، على وجه المدح له والتزكية.

                                                                                                                                                                                                                                      (إذ همت طائفتان منكم أن تفشلا) يعني: حيين من الأنصار; بني سلمة من الخزرج، وبني حارثة من الأوس، عن ابن عباس ، وجابر بن عبد الله ، وغيرهما وقيل: الطائفتان: قوم من المهاجرين والأنصار.

                                                                                                                                                                                                                                      السدي : خرج النبي صلى الله عليه وسلم يوم أحد في ألف، فرجع عبد الله بن أبي في ثلاث مئة، وهم بنو حارثة، وعصم الله بني سلمة، فمضوا مع النبي صلى الله عليه وسلم.

                                                                                                                                                                                                                                      ابن جريج : همت الطائفتان بالفشل، ولم تفشلا.

                                                                                                                                                                                                                                      و (الفشل) : الجبن، عن ابن عباس ، وكذلك هو في اللغة.

                                                                                                                                                                                                                                      (ولقد نصركم الله ببدر وأنتم أذلة) : (بدر) : ماء سمي باسم صاحبه، عن الشعبي .

                                                                                                                                                                                                                                      الواقدي، وغيره: هو اسم الموضع غير منقول.

                                                                                                                                                                                                                                      [ ص: 120 ] ومعنى (أذلة) : قليلو العدد، وكانوا - فيما روي- يوم بدر ثلاث مئة وبضعة عشر، ويوم أحد ألفا، ويوم حنين اثني عشر ألفا.

                                                                                                                                                                                                                                      وكانت بدر يوم سبعة عشر من رمضان لثمانية عشر شهرا من الهجرة، وأحد على رأس أحد وثلاثين شهرا من مقدم النبي عليه الصلاة والسلام المدينة يوم السبت للنصف من شوال، وحنين في سنة ثمان للنصف من شوال.

                                                                                                                                                                                                                                      (إذ تقول للمؤمنين ألن يكفيكم أن يمدكم ربكم بثلاثة آلاف) : هذا يوم بدر، وكان قد بلغ المسلمين أن كرز بن جابر المحاربي يمد المشركين، فاغتموا لذلك، فقيل لهم: (ألن يكفيكم أن يمدكم ربكم بثلاثة آلاف من الملائكة) إلى قوله: (مسومين) ، روي معناه عن ابن عباس ، والحسن .

                                                                                                                                                                                                                                      ابن عباس : لم تقاتل الملائكة إلا يوم بدر، وإنما كانوا في غيره عددا ومددا.

                                                                                                                                                                                                                                      وقيل: إن قوله: ((ألن يكفيكم) إلى قوله: (مسومين) في يوم أحد، وإنما وعدوا يوم بدر بأن يمدهم بألف من الملائكة مردفين، فأمدهم بها.

                                                                                                                                                                                                                                      قتادة : قوله: (ولقد نصركم الله ببدر وأنتم أذلة) أي: قليلون، ثم رجع إلى [ ص: 121 ] ذكر أحد، فلما فروا وخالفوا النبي عليه الصلاة والسلام; لم يمدهم بشيء.

                                                                                                                                                                                                                                      الحسن : كان جميع العدد خمسة آلاف، وقيل: كانوا ثمانية آلاف.

                                                                                                                                                                                                                                      ومعنى ( مسومين) : معلمين.

                                                                                                                                                                                                                                      قال ابن عباس ، وغيره: كانت خيلهم معلمة بالصوف في نواصيها وأذنابها.

                                                                                                                                                                                                                                      هشام بن عروة عن أبيه: نزلت الملائكة يوم بدر على خيل بلق، وعليها عمائم صفر.

                                                                                                                                                                                                                                      الزجاج : كانت سيماهم عمائم بيضاء.

                                                                                                                                                                                                                                      وقيل: (مسومين) بالفتح: مرسلين، من الإبل السائمة، وذلك يرجع إلى السيما، وهي العلامة; لأنهم كانوا يعلمون الإبل إذا أرسلت في المرعى; لئلا تختلط.

                                                                                                                                                                                                                                      التالي السابق


                                                                                                                                                                                                                                      الخدمات العلمية