الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
صفحة جزء
87 - " أتاني جبريل؛ في أول ما أوحي إلي؛ فعلمني الوضوء والصلاة؛ فلما فرغ الوضوء؛ أخذ غرفة من الماء فنضح بها فرجه " ؛ (حم قط ك) ؛ عن أسامة بن زيد ؛ عن أبيه زيد بن حارثة ؛ (ح).

التالي السابق


(أتاني جبريل؛ في أول ما أوحي إلي) ؛ وذلك عند انصرافه من غار حراء؛ كما في الدلائل وغيرها؛ (فعلمني الوضوء) ؛ بالضم؛ استعمال الماء في الأعضاء الأربعة؛ بالنية؛ عند الشافعية؛ وكذا بدونها عند الحنفية؛ (والصلاة) ؛ الأذكار المعروفة؛ والأفعال المشهورة المفتتحة بالتكبير؛ المختتمة بالتسليم؛ وأصلها: الدعاء؛ قال الله (تعالى): وصل عليهم ؛ أي: ادع لهم؛ وفيما نقله الشرع إليه باشتمال على الدعاء؛ قال في الوفاء: لم يذكر كيفية الصلاة في هذا الحديث؛ وقد ذكر في حديث البراء أنها ركعتان؛ وهذه الصلاة كانت نفلا؛ لأن الخمس لم تفرض إلا ليلة الإسراء؛ وقيل: بل فرضت الصلاة قبله ركعتين قبل غروب الشمس؛ وركعتين قبل طلوعها؛ ثم فرضت الخمس ليلة الإسراء؛ وهو مروي عن عائشة وغيرها؛ وقيل: بل المراد بالصلاة هنا: التهجد؛ فإنه فرض عليه؛ ثم نسخ؛ قال السهيلي: فالوضوء على هذا الحديث مكي بالفرض؛ مدني بالتلاوة؛ لأن آية الوضوء كانت قبل فرض الصلاة؛ يعني الصلوات ليلة الإسراء؛ قال: ويقويه قوله في خبر فيه لين إن جبريل علمه إياه حين نزول الوحي عليه في غار حراء؛ وقال: ويؤيده ما في أخبار صحاح أن من قبلنا كانوا يتوضؤون للصلاة؛ كما في قصة سارة والراهب؛ (فلما فرغ الوضوء) ؛ أي: أتمه؛ (أخذ غرفة من الماء) ؛ قال ابن حجر في المختصر: وهي قدر ما يغرف من الماء بالكف؛ (فنضح) ؛ وفي رواية: " فرش" ؛ (بها فرجه) ؛ يعني: رش بالماء الإزار الذي يلي محل الفرج من الآدمي؛ لأن جبريل ليس له فرج؛ إذ الملائكة ليسوا بذكور؛ ولا إناث؛ كما مر؛ فيندب رش الفرج عقب الوضوء؛ لدفع الوسوسة؛ وفي رواية ذكرها ابن سيد الناس: " وجهه" ؛ بدل " فرجه" ؛ وفي رواية: " الفرج" ؛ و" النضح" : الرش؛ و" الفرج" ؛ أصله: فرجة بين شيئين؛ ثم كني به عن السوأة؛ وكثر حتى صار كالصريح فيه.

(حم قط ك) ؛ وكذا الحارث بن أبي أسامة؛ (عن أسامة) ؛ بضم الهمزة؛ ( ابن زيد ) ؛ حب رسول الله - صلى الله عليه وسلم -؛ وابن حبه؛ (عن أبيه زيد) ؛ ابن حارثة الكلبي ؛ مولى الرسول؛ من السابقين الأولين؛ استشهد يوم " مؤتة" ؛ سنة ثمان؛ رمز المؤلف لصحته؛ وليس كما ظن؛ فقد أورده ابن الجوزي في العلل؛ عن أسامة؛ عن أبيه؛ من طريقين؛ في أحدهما ابن لهيعة ؛ والأخرى رشدين؛ وقال: ضعيفان؛ قال: والحديث باطل؛ وقال مخرجه الدارقطني : فيه ابن لهيعة ؛ ضعفوه؛ وتابعه رشدين؛ وهو ضعيف؛ لكن يقويه كما قال بعض الحفاظ؛ أورده من طريق ابن ماجه ؛ بمعناه؛ وروى نحوه عن البراء ؛ وابن عباس ؛ أما الصحة فلا؛ فلا.



الخدمات العلمية