الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
صفحة جزء
108 - " أترعون عن ذكر الفاجر أن تذكروه؟! فاذكروه يعرفه الناس " ؛ (خط)؛ في رواة مالك ؛ عن أبي هريرة ؛ (ض).

التالي السابق


(أترعون) ؛ بفتح همزة الاستفهام؛ والمثناة فوق؛ وكسر الراء؛ أي: أتتحرجون؛ وتكفون؛ وتتورعون؛ (عن ذكر) ؛ بكسر؛ فسكون؛ (الفاجر) ؛ المتظاهر بنحو تخنث؛ وزنا؛ ولواط؛ وشرب خمر؛ وجور؛ غير مبال بما ارتكبه من ذلك؛ وتمتنعون؛ (أن تذكروه؟) ؛ أي: تجروا جرائمه على ألسنتكم بين الناس؛ (فاذكروه) ؛ بما فيه؛ ولهذا قال الحسن: ثلاثة لا غيبة لهم؛ صاحب هوى؛ والفاسق المعلن؛ والإمام الجائر؛ وقال الغزالي: وهؤلاء يجمعهم أنهم يتظاهرون به؛ وربما يتفاخرون؛ وكيف يكرهونه وهم يقصدون إظهاره؟! (يعرفه الناس) ؛ أي: ليعرفوا حاله؛ فيحذروه؛ فليس ذكره حينئذ منهيا عنه؛ بل مأمور به؛ للمصلحة؛ ومن ذلك قول الحسن في الحجاج : " أخرج إلينا بنانا قصيرة قلما عرقت فيها الأعنة في سبيل الله" ؛ ثم جعل يطبطب شعيرات له ويقول: " يا أبا سعيد ؛ يا أبا سعيد " ؛ وقال لما مات: " اللهم أنت أمته؛ فاقطع سنته؛ فإنه أتانا أخيفش؛ أعيمش؛ يخطر في مشيته؛ لا يصعد المنبر حتى تفوته الصلاة؛ لا من الله يتقي؛ ولا من الناس يستحي؛ فوقه الله؛ وتحته مئة ألف أو يزيدون؛ لا يقول له قائل: الصلاة؛ هيهات؛ دون ذلك السيف" ؛ والغيبة تباح في نحو أربعين موضعا؛ ذكرها ابن العماد وغيره؛ والكلام في غير نحو راو؛ وشاهد؛ وأمين صدقة؛ وناظر وقف؛ ويتيم؛ أما هم فيجب جرحهم؛ إجماعا؛ على من علم فيهم قادحا؛ وإن لم يتجاهروا بالفجور؛ ولا أبرزوا الخيانة إلى حين الظهور.

(تنبيه) : هذا الحديث وما بعده شامل للفاجر الميت؛ ولا ينافيه النهي عن سب الأموات في الخبر الآتي؛ لأن السب غير الذكر بالشر؛ وبفرض عدم المغايرة فالجائز سب الأشرار؛ والمنهي سب الأخيار؛ ذكره الكرماني وغيره.

(خط؛ في) ؛ كتاب (رواة مالك ) ؛ ابن أنس ؛ (عن أبي هريرة ) ؛ وأخرجه البيهقي في الشعب؛ من حديث الجارود؛ عن بهز بن حكيم ؛ عن أبيه؛ عن جده؛ مرفوعا؛ ثم قال: هذا يعد من أفراد الجارود؛ وليس بشيء؛ وقضية تصرف المصنف أن مخرجه الخطيب خرجه ساكتا عليه؛ والأمر بخلافه؛ بل قال: تفرد به الجارود؛ وهو؛ كما قال البخاري ؛ منكر الحديث؛ وكان أبو أسامة يرميه بالكذب؛ هذا كلام الخطيب؛ فنسبته لمخرجه واقتطاعه من كلامه ما عقبه به من بيان حاله؛ غير مرضي؛ وقد قال في الميزان: إنه موضوع؛ ونقله عنه في الكبير؛ وأقره عليه؛ لكن نقل الزركشي عن الهروي في كتاب ذم الكلام؛ أنه حسن؛ باعتبار شواهده التي منها ما ذكره المؤلف بقوله.



الخدمات العلمية