الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
                                                                                                                            صفحة جزء
                                                                                                                            ص ( لا إن قاعد خصمه كثلاث إلا لعذر وحلف في كسفر )

                                                                                                                            ش : قال في المتيطية وإذا خاصم الرجل عن نفسه وقاعد خصمه أيضا ثلاث مجالس وانعقدت المقالات بينهما لم يكن له بعد ذلك أن يوكل خصما يتوكل عنه إذا منعه من ذلك إلا أن يمرض أو يسافر سفرا ويعرف ذلك ، ولا يمنع الخصمان من السفر ، ولا من أراده منهما ، ويكون له أن يوكل عند ذلك .

                                                                                                                            قال ابن العطار : وتلزمه حينئذ اليمين أنه ما استعمل السفر ليوكل غيره ، فإن نكل عن اليمين لم يبح له توكيل غيره إلا أن يشاء خصمه ذلك وقال ابن الفخار : لا يمين عليه ، ويكون له أيضا أن يوكل إذا شاتمه خصمه ، وأحرجه فحلف أن لا يخاصمه بنفسه قال ابن الفخار : فإن حلف أن لا يخاصمه دون عذر يوجب اليمين لم يكن له أن يوكل انتهى كلامه بلفظه ، وهو حاو لما قاله المصنف . وقال ابن عرفة : في مسألة التوكيل للسفر بعد أن ذكر القولين .

                                                                                                                            قلت الأظهر أنها كأيمان التهم وقال في المسألة الثانية : قلت في عطف شاتمه على أحرجه بالواو أو بأو اختلاف نسخ [ ص: 186 ] انتهى . وقول المصنف كثلاث يعني فأكثر وانظر قوله في كسفر ما مثل السفر ( فرع ) : قال ابن فرحون في تبصرته : من وكل ابتداء ضررا لخصمه لم يمكن من ذلك انتهى .

                                                                                                                            ( فرع ) : قال فيها أيضا : قال محمد بن لبابة : كل من ظهر منه عند القاضي لدد وتشغيب في خصومة فلا ينبغي له أن يقبله في وكالة ولا يحل إدخال اللدد على المسلمين قال ابن سهل والذي ذهب إليه الناس في القديم والحديث قبول الوكلاء إلا من ظهر منه تشغيب ولدد فذلك يجب على القاضي إبعاده وأن لا يقبل له وكالة على أحد انتهى .

                                                                                                                            ( فرع ) : قال ابن عرفة : والوكالة على الخصام لمرض الموكل أو سفره أو كونه امرأة لا يخرج مثلها جائزة اتفاقا المتيطي وكذا العذر يشغل الأمير أو خطة لا يستطيع مفارقتها كالحجابة وغيرها وفي جوازها لغير ذلك ثالثها للطالب لا للمطلوب للمعروف مع قول المتيطي هو الذي عليه العمل ونقله عن سحنون في رسالته إلى محمد بن زياد قاضي قرطبة وفعله وعلى المعروف في جوازها مطلقا أو بعد أن ينعقد بينهما ما يكون من دعوى إقرار نقلا ابن سهل قائلا وذكر ابن العطار : أن له أن يوكل قبل المجاوبة وإن كان الموكل حاضرا والصحيح عندي أن لا يمكن من ذلك ; لأن اللدد فيه ظاهر ومراده أن يحدث عنه ما فيه تشغيب انتهى . ونص كلام ابن سهل ومن المحاضر لابن حارث وإن أراد الخصمان أو أحدهما في أول مجلس جلسا فيه التوكيل ففيه اختلاف من الفقهاء من يرى ذلك لهما أو لأحدهما ومثله لابن العطار ومنهم من لا يرى ذلك إلا بعد أن ينعقد بين المدعي والمدعى عليه ما يكون من كل واحد منهما من الإقرار والإنكار ، ثم يوكل بعد من شاء منهما وهو الصحيح انتهى : وقال ابن فرحون في تبصرته : مسألة وإذا ادعى الرجل على خصمه عند الحاكم فهل للمدعى عليه أن يوكل قبل أن يجيب عن تلك الدعوى بإقرار أو إنكار ؟ فقيل إنه لا يمكن من التوكيل حتى يجيب فإن لم يجب حمله الحاكم على جواب بالأدب قال ابن الهندي وقول من قال إن له أن يوكل قبل أن يجيب أصح ; لأنه قد أجيز للحاضر أن يوكل قال ابن سهل : والصحيح عندي أن لا يمكن من ذلك ; لأن اللدد فيه ظاهر وقال ابن العطار : له أن يوكل قبل المجاوبة إذا كان الوكيل بالحضرة فيجاوب عنه فإن لم يوكل ، فإنه يقال له بعد الأدب قل الآن ما كنت تأمر به وكيلك أن يقر له عنك فإن أبى علم أنه ملد انتهى .

                                                                                                                            وكلام المتيطية أتم ونصه وإذا سأل الخصمان أو أحدهما القاضي في أول مجلس تقدما إليه أن يوكل كل واحد منهما من يتكلم عنه في الدعوى والإقرار والإنكار فقال ابن حارث في محاضرة ذلك اختلاف من رأي الفقهاء وعمل القضاة فمنهم من يرى ذلك لهما أو لأحدهما ومنهم من لا يراه إلا بعد أن ينعقد بين الخصمين ما يكون من كل واحد منهما من الدعوى والإقرار والإنكار ، ثم يوكل من شاء منهما .

                                                                                                                            قال ابن الهندي : والذي جرى عليه العمل أن يقر أو ينكر في مجلسه إذا كان ما وقف عليه قريب المعنى يتبادر فهمه في وقته ، ثم يوكل فإن أبى أن يتكلم حمل عليه القاضي الأدب حتى يتكلم قال : وقول من قال : إن له أن يوكل قبل الإقرار والإنكار أصح أنه قد أجيز للحاضر التوكيل ، فإذا أجيز للحاضر التوكيل فخصمه مكانه قال القاضي أبو الأصبغ : والصحيح عندي أن لا يمكن من ذلك ; لأن اللدد فيه ظاهر والمراد منه أن يحدث كلاما يكون فيه تشغيب على صاحبه .

                                                                                                                            ثم ذكر كلام ابن العطار الذي ذكره ابن فرحون في آخر كلامه ، ثم قال والظاهر أن مرادهم بهذا إذا لم يوكلا في أول الأمر حتى حضرا عند القاضي أما لو وكلا أولا ، فلا كلام في ذلك والظاهر أيضا أن مرادهم ما لم يجلسا ثلاثة مجالس عند الحاكم انتهى .

                                                                                                                            التالي السابق


                                                                                                                            الخدمات العلمية