الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
                                                                                                                            صفحة جزء
                                                                                                                            ص ( وبناء مسجد للكراء )

                                                                                                                            ش : قال في التهذيب ، ولا يصلح أن يبني مسجدا ليكريه ممن يصلي فيه ، أو يكري بيته ممن يصلي فيه ، وأجاز ذلك في غيره في البيت انتهى .

                                                                                                                            وقال ابن يونس : ولا يجوز لأحد أن يبني مسجدا ليكريه ممن يصلي فيه ، ثم قال : قال ابن القاسم : ومن آجر بيته لقوم ليصلوا فيه رمضان لم يعجبني ذلك كمن أكرى المسجد ، وقال غيره : لا بأس بذلك في كراء البيت انتهى .

                                                                                                                            ونقل ابن عرفة لفظ التهذيب مع زيادة ، ونصه : وفيها ، ولا يصلح أن يبني مسجدا ليكريه ممن يصلي فيه ، ولا بيته وإجارتهما لذلك غير جائزة وأجازه غيره في البيت عياض ; لأن ذلك ليس من مكارم الأخلاق اللخمي من بنى مسجدا ليكريه جاز ( قلت : ) اقتصاره على هذا دون ذكر قولها إنه لا يجوز غير صواب ، وإن وافق مفهوم نقل الصقلي عن سحنون إنما لم يجز كراء المسجد ; لأنه حبس لا يباع ، ولا يكرى ، والبيت ليس مثله ، وكراؤه جائز اللخمي إن أكرى بيته ، أو داره ممن يصلي فيهما في أوقات الصلوات فقط كره ; لأنه ليس من مكارم الأخلاق ، فإن نزل مضى ، وإن أخلى البيت وسلمه جاز قال ابن عرفة : قلت : هذا يخالف قوله : من بنى مسجدا ليكريه جاز إلا أن يريد ليكريه في غير الصلاة ، وهو بعيد انتهى .

                                                                                                                            قال في التنبيهات : قوله : في الرجل يبني مسجدا ليكريه ممن يصلي فيه جاز وكراهيته له في رواية ابن القاسم ، وكذلك الذي آجر بيته من قوم ليصلوا فيه فلا يعجبني ، وهو كمن أكرى المسجد ، وقول غيره في البيت لا بأس باستئجاره يصلى فيه ، وإجازته كراء الدار على أن تتخذ مسجدا بين هذه المسائل فرق ، وأما الذي بنى مسجدا فأكراه فلو أباحه للمسلمين لكان حبسا لا حكم فيه له ، ولا لأحد فيه ، وإن كان لم يبحه ، وإنما فعل ذلك ليكتريه فليس من مكارم الأخلاق ، وهو معنى قوله - والله أعلم - في كراء المسجد : لا يصلح ، وفي كراء البيت : لا يعجبني ، وأنه يجوز له فعله كما أجاز إجارة المصحف لكنه ليس من مكارم الأخلاق وأفعال أهل الدين ، وهذا معنى منع محمد عندي لإجارة المصحف انتهى .

                                                                                                                            ، وقال أبو الحسن في الكبير وانظر قوله : لا يصلح هل هو على الكراهة ، أو على المنع ، فعلى ما نقل ابن يونس عن سحنون هو على المنع ; لأنه قال إنما لم يجز في المسجد ; لأنه حبس لا يباع ، ولا يكرى ، وعلى ما تقدم لعياض هو على الكراهة ; لأنه قال : ليس هو من مكارم الأخلاق انتهى .

                                                                                                                            يشير إلى ما تقدم عن التنبيهات ، ولم يثبت عنده زيادة ابن عرفة وثبتت عند ابن ناجي فقال : قوله : لا يصلح على التحريم لزيادته فيها ، وإجارتهما [ ص: 420 ] لذلك غير جائزة انتهى .

                                                                                                                            وعلى كل حال فأكثر عبارات أهل المذهب عدم الجواز لا الكراهة كما قال المصنف ، وقال أبو الحسن في التقييد الصغير إثر قوله في التهذيب وأجاز ذلك غيره في البيت الشيخ وأجاز هو وغيره أن يكري الأرض ممن يتخذها مسجدا عشر سنين فالمسجد في طرف ، والأرض لتتخذ مسجدا في طرف ، والبيت بينهما واسطة انتهى .

                                                                                                                            ، وحكى الأصحاب في التوفيق بين ابن القاسم والغير في البيت وجهين : أحدهما : أن الغير تكلم بعد الوقوع وابن القاسم قبل الوقوع الثاني : أن قول ابن القاسم فيما إذا كان يكريه منهم في أوقات الصلاة فقط ويرجع إليه في غيرها ، وقول الغير فيما إذا كان يكريه منهم لينتفعوا به مدة كرائه للصلاة وغيرها ، وفيما شاءوا مما هو من جنس الصلاة انظر أبا الحسن واللخمي والله أعلم .

                                                                                                                            التالي السابق


                                                                                                                            الخدمات العلمية