الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
صفحة جزء
باب كسب الحجام

حدثنا الربيع قال ( قال الشافعي ) أخبرنا سفيان بن عيينة عن الزهري عن حرام بن سعد بن محيصة { أن محيصة سأل النبي صلى الله عليه وسلم عن كسب الحجام فنهاه عنه فلم يزل يكلمه حتى قال له أطعمه رقيقك واعلفه ناضحك } أخبرنا مالك عن الزهري عن ابن شهاب { عن حرام بن سعد عن أبيه أنه استأذن النبي صلى الله عليه وسلم في إجارة الحجام فنهاه عنها فلم يزل يسأل ويستأذنه حتى قال له اعلفها ناضحك ورقيقك } حدثنا الربيع قال أخبرنا الشافعي قال أخبرنا مالك عن حميد عن أنس قال : { حجم أبو طيبة رسول الله فأمر له [ ص: 668 ] بصاع من تمر وأمر أهله أن يخففوا عنه من خراجه } . وأخبرنا عبد الوهاب بن عبد المجيد عن حميد { عن أنس أنه قيل له : احتجم رسول الله ؟ قال : نعم ، حجمه أبو طيبة فأعطاه صاعين وأمر مواليه أن يخفوا عنه من ضريبته ، وقال إن أمثل ما تداويتم به الحجامة والقسط البحري لصبيانكم من العذرة ولا تعذبوهم بالغمز } أخبرنا عبد الوهاب الثقفي عن أيوب عن ابن سيرين عن ابن عباس . أخبرنا سفيان عن إبراهيم بن ميسرة عن طاوس قال : { احتجم رسول الله وقال للحجام اشكموه } .

( قاله الشافعي ) ليس في شيء من هذه الأحاديث مختلف ولا ناسخ ولا منسوخ فهم قد أخبرونا أنه قد أرخص لمحيصة أن يعلفه ناضحه ويطعمه رقيقه ولو كان حراما لم يجز رسول الله والله أعلم لمحيصة أن يملك حراما ولا يعلفه ناضحه ولا يطعمه رقيقه ورقيقه ممن عليه فرض الحلال والحرام ولم يعط رسول الله حجاما على الحجامة أجرا إلا لأنه لا يعطي إلا ما يحل له أن يعطيه وما يحل لمالكه ملكه حل له ولمن أطعمه إياه أكله قال : فإن قال قائل : فما معنى نهي رسول الله وإرخاصه في أن يطعمه الناضح والرقيق ؟ قيل لا معنى له إلا واحد وهو أن من المكاسب دنيا وحسنا فكان كسب الحجام دنيا فأحب له تنزيه نفسه عن الدناءة لكثرة المكاسب التي هي أجمل فلما زاد فيه أمره أن يعلفه ناضحه ويطعمه رقيقه تنزيها له لا تحريما عليه ( قال الشافعي ) رضي الله عنه : وقد روي أن رجلا ذا قرابة لعثمان قدم عليه فسأله عن معاشه فذكر له غلة حمام وكسب حجام أو حجامين فقال إن كسبك لوسخ أو قال لدنيء أو قال لدنس أو كلمة تشبه ذلك .

التالي السابق


الخدمات العلمية