الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
صفحة جزء
باب إخراج الزكاة

قوله ( لا يجوز تأخيرها عن وقت وجوبها ، مع إمكانه ) هذا المذهب في الجملة ، نص عليه ، وعليه جمهور الأصحاب ، وقطع به كثير منهم ، وقيل : لا يلزم إخراجها على الفور . لإطلاق الأمر كالكفارة .

قوله ( مع إمكانه ) يعني أنه إذا قدر على إخراجها لم يجز تأخيرها ، وإن تعذر إخراجها من النصاب لغيبة أو غيرها جاز التأخير إلى القدرة . ولو كان قادرا على الإخراج من غيره ، وهذا المذهب ، قدمه المجد في شرحه ، وصاحب الفروع وغيرهما . [ ص: 187 ] ويحتمل أن لا يجوز التأخير إن وجبت في الذمة . ولم تسقط بالتلف ، فعلى المذهب في أصل المسألة : يجوز التأخير لضرر عليه ( مثل أن يخشى رجوع الساعي عليه ، ونحو ذلك ) كخوفه على نفسه أو ماله ، ويجوز له التأخير أيضا لحاجته إلى زكاته إذا كان فقيرا محتاجا إليها تختل كفايته ومعيشته بإخراجها ، نص عليه ، ويؤخذ منه ذلك عند ميسرته .

قلت : فيعايى بها ، ويجوز أيضا التأخير ليعطيها لمن حاجته أشد . على الصحيح من المذهب . نقل يعقوب : لا أحب تأخيرها ، إلا أن لا يجد قوما مثلهم في الحاجة فيؤخرها لهم ، قدمه في الرعاية ، والفروع ، وقال : جزم به بعضهم .

قلت : منهم صاحب المذهب ، ومسبوك الذهب ، والرعاية الصغرى ، والحاويين ، والفائق ، وابن رزين ، وقال جماعة منهم المجد في شرحه ومجرده يجوز بزمن يسير لمن حاجته أشد ; لأن الحاجة تدعو إليه ، ولا يفوت المقصود ، وإلا لم يجز ترك واجب لمندوب ، قال في القواعد الأصولية : وقيد ذلك بعضهم بالزمن اليسير ، قال في المذهب : ولا يجوز تأخيرها مع القدرة ، فإن أمسكها اليوم واليومين ليتحرى الأفضل جاز . قال في الفروع : وظاهر كلام جماعة المنع ، ويجوز أيضا التأخير لقريب ، قدمه في الفروع ، وقل : جزم به جماعة .

قلت : منهم ابن رزين ، وصاحب الحاويين ، وقدم جماعة المنع ، منهم صاحب الرعايتين [ والحاويين ] والفائق ، قال في القواعد الأصولية : وأطلق القاضي وابن عقيل روايتين في القريب ، ولم يقيداه بالزمن اليسير ، ويجوز أيضا التأخير للجار كالقريب ، جزم به في الحاويين ، وقدمه في الفروع . وقال : ولم يذكره الأكثر ، وقدم المنع في الرعايتين ، والفائق . [ ص: 188 ] وعنه له أن يعطي قريبه كل شهر شيئا ، وحملها أبو بكر على تعجيلها . قال المجد : وهو خلاف الظاهر ، وعنه ليس له ذلك ، وأطلق القاضي وابن عقيل الروايتين .

التالي السابق


الخدمات العلمية