الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
                                                                                                          صفحة جزء
                                                                                                          وإن حفر بئرا في سابلة لنفع المسلمين ولا ضرر لم يضمن ، وعلله أحمد بأنه نفع للمسلمين ، وكموات ، وعنه : بإذن حاكم ، وعنه : بلى ، وكذا حكم البناء فيها مساجد أو غيرها لنفع المسلمين ، نقل إسماعيل بن سعيد في المسجد : لا بأس به إذا لم يضر بالطريق ، ونقل عبد الله : أكره الصلاة فيه .

                                                                                                          [ ص: 519 ] إلا أن يكون بإذن إمام ، نقل المروذي : حكم هذه المساجد التي بنيت في الطريق تهدم ، وسأله محمد بن يحيى الكحال : يزيد في المسجد من الطريق ؟ قال : لا يصلى فيه ، ونقل حنبل أنه سئل عن المساجد على الأنهار ، قال : أخشى أن يكون من الطريق ، وسأله ابن إبراهيم عن ساباط فوقه مسجد ، أيصلى فيه ؟ قال لا يصلى فيه إذا كان من الطريق ، وسئل عن الصلاة على شط النهر والطريق أمامه ، قال : أرجو أن لا يكون به بأس ، ولكن طريق مكة يعجبني أن يتنحى عن الطريق ويصلي يمنة الطريق ونقل ابن مشيش عن بناء ساباط فوق مسجد : لا يصلى فيه إذا كان من الطريق .

                                                                                                          وقال الشيخ : ويحتمل أن يعتبر إذن الإمام في البناء لنفع المسلمين دون الحفر ، لدعوي الحاجة إلى الحفر لنفع الطريق وإصلاحها وإزالة الطين والماء منها ، فهو كتنقيتها ، وحفر هدفه فيها ، وقلع حجر يضر بالمارة ، ووضع الحصى في حفرة فيها ليملأها ، وتسقيف ساقية فيها ، ووضع حجر في طين في طريق فيها ليطأ الناس عليه ، فهذا كله مباح لا يضمن ما تلف به ، لا نعلم فيه خلافا ، وكذا بناء القناطر ، ويحتمل أن يعتبر إذن الإمام فيها ، لأن مصلحته لا تعم ، قال بعض أصحابنا في حفر البئر : ينبغي أن يتقيد سقوط الضمان إذا حفرها في مكان مائل عن القارعة وجعل عليه حاجزا يعلم به ليتوقى ، وإن حفره لنفسه ضمن ولو في فنائه وتصرف وارثه في تركته ، وإذن إمام فيه ، لأنه ليس له أن [ ص: 520 ] يأذن فيه ، فدل أنه لا يجوز لوكيل بيت مال المسلمين وغيره بيع شيء من طريق المسلمين النافذة ، وأنه ليس لحاكم أن يحكم بصحته .

                                                                                                          وقاله شيخنا ، ويتوجه جوازه للمصلحة ، وجوز بعض أصحابنا حفر بئر لنفسه في فنائه بإذنه ، ذكره القاضي ، قال شيخنا : ومن لم يسد بئره سدا يمنع من التضرر بها ضمن ما تلف بها ، وكذا بسط حصير وتعليق قنديل ونحوه بمسجد ، والأكثر لا يضمن كوضعه حصى فيه ، والأصح وقعوده فيه وفي طريق واسع ، وفعل عبده بأمره كفعله أعتقه أو لا ويضمن سلطان آمر وحده ، وإن حفرها حر بأجرة أو لا وثبت علمه أنها في ملك غيره نص عليه ضمن الحافر ، نصه : هما وإن جهل فالآمر وقيل : الحافر .

                                                                                                          التالي السابق


                                                                                                          الخدمات العلمية