الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
                                                صفحة جزء
                                                4506 4507 4508 4509 4510 4511 4512 4513 4514 4515 4516 4517 4518 4519 4520 ص: حدثنا صالح بن عبد الرحمن الأنصاري، قال: ثنا سعيد بن منصور، قال: ثنا هشيم، قال: أنا المغيرة وحصين وأشعث وإسماعيل بن أبي خالد وداود وسيار ومجالد ، عن الشعبي قال: "دخلت على فاطمة بنت قيس بالمدينة، فسألتها عن قضاء رسول الله -عليه السلام-، فقالت: طلقني زوجي البتة، فخاصمته إلى رسول الله -عليه السلام- في السكنى والنفقة، فلم يجعل لي سكنى ولا نفقة، وأمرني أن أعتد في بيت ابن أم مكتوم". وقال مجالد في حديثه: " يا بنت قيس، إنما النفقة والسكنى على من كانت له الرجعى". حدثنا محمد بن عبد الله بن ميمون ، قال: ثنا الوليد بن مسلم ، عن الأوزاعي ، عن يحيى، قال: حدثني أبو سلمة، قال: حدثتني فاطمة بنت قيس: " أن أبا عمرو بن حفص المخزومي طلقها ثلاثا، فأمر لها بنفقة، فاستعملتها وكان النبي -عليه السلام- بعثه نحو اليمن، فانطلق خالد بن الوليد -رضي الله عنه- في نفر من بني مخزوم إلى النبي -عليه السلام- وهو في بيت ميمونة، فقال: يا رسول الله، إن أبا عمرو بن حفص طلق فاطمة ثلاثا، فهل لها نفقة؟ فقال النبي -عليه السلام-: ليس لها نفقة ولا سكنى. وأرسل إليها أن تنتقل إلى أم شريك، ثم أرسل إليها أن أم شريك يأتيها المهاجرون الأولون، فانتقلي إلى ابن أم مكتوم، فإنك إذا وضعت خمارك لم يرك".

                                                حدثنا ربيع المؤذن، قال: ثنا بشر بن بكر، قال: حدثني الأوزاعي ... فذكر بإسناده مثله.

                                                حدثنا بحر بن نصر، قال: قرئ على شعيب بن الليث: : أخبرك أبوك ، عن عمران بن أبي أنس ، عن أبي سلمة أنه قال: "سألت فاطمة بنت قيس ، فأخبرتني: [ ص: 95 ] أن زوجها المخزومي طلقها، وأنه أبى أن ينفق عليها، فجاءت إلى رسول الله -عليه السلام-، فأخبرته، فقال رسول الله -عليه السلام-: لا نفقة لك، انتقلي إلى ابن أم مكتوم فكوني عنده، فإنه رجل أعمى تضعين ثيابك عنده". حدثنا روح بن الفرج ، قال: ثنا عمرو بن خالد، قال: ثنا الليث ... فذكر بإسناده مثله.

                                                حدثنا روح بن الفرج ، قال: حدثنا يحيى بن عبد الله بن بكير، قال: حدثني الليث ، عن أبي الزبير المكي: " أنه سأل عبد الحميد بن عبد الله بن أبي عمرو بن حفص عن طلاق جده أبي عمرو؛ فاطمة بنت قيس، . فقال له عبد الحميد: : طلقها البتة، ثم خرج إلى اليمن، ، ووكل عياش بن أبي ربيعة، ، فأرسل إليها عياش بعض النفقة فسخطتها، فقال لها عياش: : ما لك علينا من حق ولا مسكن، فهذا رسول الله -عليه السلام- فسليه، فسألت رسول الله -عليه السلام- عن ما قاله، فقال: ليس لك نفقة ولا مسكن ولكن متاع بالمعروف، اخرجي عنهم. فقالت: أخرج إلى بيت أم شريك؟ ؟ فقال لها النبي -عليه السلام-: إن بيتها يوطأ، انتقلي إلى بيت عبد الله بن أم مكتوم، فهو أقل أعمى".

                                                حدثنا روح، قال: ثنا يحيى قال: حدثني الليث ، عن عبد الله بن يزيد مولى الأسود، عن أبي سلمة بن عبد الرحمن ، عن فاطمة بنت قيس نفسها ... بمثل حديث الليث عن الزبير حرفا بحرف.

                                                حدثنا يونس، قال: أنا ابن وهب، أن مالكا أخبره، عن عبد الله بن يزيد مولى الأسود بن سفيان ، عن أبي سلمة بن عبد الرحمن ، عن فاطمة: "أن أبا عمرو بن حفص طلقها البتة وهو غائب، فأرسل إليها وكيله بشعير، فسخطته، فقال: والله ما لك علينا من شيء، فجاءت إلى رسول الله -عليه السلام-، فذكرت ذلك له، فقال: ليس لك عليه نفقة، واعتدي في بيت أم شريك".

                                                [ ص: 96 ] حدثنا نصر بن مرزوق وابن أبي داود قالا: ثنا عبد الله بن صالح، قال: حدثني الليث قال: حدثني عقيل ، عن ابن شهاب، قال: حدثني أبو سلمة: أن فاطمة بنت قيس حدثته، عن رسول الله -عليه السلام-، مثله سواء.

                                                حدثنا روح بن الفرج، قال: ثنا يحيى بن عبد الله، قال: حدثني الليث ... فذكر بإسناده مثله وزاد: فأنكر الناس عليها ما كانت تحدث من خروجها قبل أن تحل". .

                                                حدثنا فهد ، قال: ثنا علي بن معبد، قال: ثنا إسماعيل بن أبي كثير ، عن محمد بن عمرو بن علقمة ، عن أبي سلمة ، عن فاطمة بنت قيس: " أنها كانت تحت رجل من بني مخزوم، فطلقها البتة، ، فأرسلت إلى أهله تبتغي النفقة، فقالوا: ليس لك علينا نفقة، فبلغ ذلك رسول الله -عليه السلام-، فقال: ليس لك عليهم النفقة وعليك العدة، فانتقلي إلى أم شريك، . ثم قال: إن أم شريك يدخل عليها إخوتها من المهاجرين ؛ فانتقلي إلى ابن أم مكتوم".

                                                حدثنا ربيع المؤذن وسليمان بن شعيب ، قالا: ثنا أسد، قال: ثنا ابن أبي ذئب ، عن الحارث بن عبد الرحمن ، عن أبي سلمة ومحمد بن عبد الرحمن بن ثوبان ، عن فاطمة بنت قيس: " أنها استفتت النبي -عليه السلام- حين طلقها زوجها، فقال لها النبي -عليه السلام-: لا نفقة لك عنده ولا سكنى، وكان يأتيها أصحابه، فقال: اعتدي عند ابن أم مكتوم، فإنه أعمى". حدثنا روح بن الفرج ، قال: ثنا أحمد بن صالح، قال: ثنا عبد الرزاق، قال: أنا ابن جريج ، قال: أخبرني عبد الرحمن بن عاصم بن ثابت أن فاطمة بنت قيس أخبرته -وكانت عند رجل من بني مخزوم فأخبرته-: "أنه طلقها ثلاثا، وخرج إلى بعض المغازي وأمر وكيلا له أن يعطيها بعض النفقة، فاستقلتها، فانطلقت إلى إحدى نساء النبي -عليه السلام-، فدخل النبي -عليه السلام- وهي عندها، فقال: يا رسول الله هذه فاطمة بنت قيس، ؛ طلقها فلان، فأرسل إليها ببعض النفقة فردتها، وزعم أنه شيء تطول به، قال: صدق، [ ص: 97 ] وقال النبي -عليه السلام-: انتقلي إلى أم شريك فاعتدي عندها، ثم قال: إن أم شريك يكثر روادها ولكن انتقلي إلى عبد الله بن أم مكتوم؛ ؛ فإنه أعمى، فانتقلت إلى عبد الله، فاعتدت عنده . حتى انقضت عدتها". .

                                                حدثنا ابن مرزوق، قال: ثنا وهب، قال: ثنا شعبة ، عن أبي بكر بن أبي الجهم ، قال: "دخلت أنا وأم سلمة على فاطمة بنت قيس، ، فحدثت أن زوجها طلقها طلاقا بائنا وأمر أبا حفص بن عمر أن يرسل إليها بنفقتها خمسة أوساق، فأتت النبي -عليه السلام-، فقالت: إن زوجي طلقني ولم يجعل لي السكنى ولا النفقة. فقال: صدق، فاعتدي في بيت ابن أم مكتوم. . ثم قال: إن ابن أم مكتوم رجل يغشى، فاعتدي في بيت ابن فلان". .

                                                حدثنا فهد قال: حدثني محمد بن سعيد قال: أنا شريك ، عن أبي بكر بن صخيرة، قال: "دخلت أنا وأبو سلمة على فاطمة بنت قيس، ، وكان زوجها قد طلقها ثلاثا، فقالت: أتيت النبي -عليه السلام- فلم يجعل لي سكنى ولا نفقة". .

                                                حدثنا فهد، قال: ثنا أبو اليمان، قال: أنا شعيب ، عن الزهري، قال: أخبرني عبيد الله بن عبد الله بن عتبة ، عن فاطمة بنت قيس، عن رسول الله -عليه السلام- ... نحوه.

                                                التالي السابق


                                                ش: هذه ستة عشر طريقا كلهم صحاح:

                                                الأول: عن صالح بن عبد الرحمن الأنصاري ، عن سعيد بن منصور الخراساني شيخ مسلم وأبي داود ، عن هشيم بن بشير بن مغيرة ، عن مقسم الضبي الكوفي الفقيه الأعمى روى له الجماعة.

                                                وحصين -بضم الحاء- ابن عبد الرحمن السلمي الكوفي روى له الجماعة.

                                                وأشعث بن سوار الكندي الكوفي روى له مسلم متابعة والأربعة.

                                                وإسماعيل بن أبي خالد هرمز البجلي الكوفي روى له الجماعة.

                                                وداود بن أبي هند روى له الجماعة.

                                                [ ص: 98 ] وسيار -بالياء آخر الحروف المشددة- أبو الحكم العنزي الواسطي روى له الجماعة.

                                                ومجالد -بضم الميم والجيم- ابن سعيد الكوفي، فيه مقال، فعن يحيى: لا يحتج بحديثه. وعنه: ضعيف واهي الحديث. وقال النسائي: ثقة. وعنه: ليس بالقوي.

                                                روى له الأربعة ومسلم مقرونا بغيره.

                                                سبعتهم عن عامر الشعبي قال: دخلت على فاطمة بنت قيس بن خالد القرشية الفهرية الصحابية أخت الضحاك بن قيس .

                                                وأخرجه مسلم : حدثني زهير بن حرب، قال: ثنا هشيم، قال: أنا سيار وحصين والمغيرة وأشعث ومجالد وإسماعيل بن أبي خالد وداود كلهم، عن الشعبي قال: "دخلت على فاطمة بنت قيس، فسألتها عن قضاء رسول الله -عليه السلام- عليها، فقالت: طلقها زوجها البتة، قالت: فخاصمته إلى رسول الله -عليه السلام- في السكنى والنفقة، قالت: فلم يجعل لي سكنى ولا نفقة، وأمرني أن أعتد في بيت أم مكتوم".

                                                قوله: "فقالت: طلقني زوجي البتة". وفي رواية مسلم: "طلقها زوجها" قالوا: هذا هو الصحيح الذي جاءت به الرواية من الحفاظ، واسم زوجها أبو عمرو بن حفص على ما يأتي في الطريق الثاني.

                                                وقوله: "البتة" وتفسرها رواية أخرى: "يا رسول الله، طلقني ثلاثا".

                                                قوله: "في بيت ابن أم مكتوم" واسمه عمرو بن قيس، وقيل: زياد بن الأحمر، وقيل: عبد الله، وهو مؤذن النبي -عليه السلام-، واسم أم مكتوم: عاتكة.

                                                ويستفاد منه أحكام:

                                                الأول: أن المبانة ليس لها النفقة والسكنى، وفيه الخلاف على ما يأتي.

                                                الثاني: أن المرأة غير واجب عليها أن تحتجب من الأعمى.

                                                [ ص: 99 ] فإن قيل: قد روى نبهان ، عن أم سلمة قالت: "دخل علي رسول الله -عليه السلام-، وأنا وميمونة جالستان، فاستأذن عليه ابن أم مكتوم الأعمى، فقال: احتجبا منه. فقلنا: يا رسول الله، أليس بأعمى؟ قال: أفعمياوان أنتما؟ ألستما تبصرانه؟ " .

                                                ففي هذا دليل على أنه واجب على المرء أن يحجب امرأته عن الأعمى، ويشهد له قوله تعالى: وقل للمؤمنات يغضضن من أبصارهن

                                                قلت: نبهان مجهول، لم يرو عنه غير ابن شهاب، روى عنه حديثين، أحدهما هذا، والآخر حديث "المكاتب إذا كان معه ما يؤدي وجب الاحتجاب منه" .

                                                وهذان الحديثان لا أصل لهما، وحديث فاطمة بنت قيس حديث صحيح الإسناد، والحجة به لازمة، وحديث نبهان لا تقوم به حجة.

                                                وقال أبو داود بعد أن ذكر حديث نبهان عن أم سلمة: وهذا لأزواج النبي -عليه السلام- خاصة.

                                                الثالث: فيه إشارة إلى جواز إخراج المعتدة من بيتها الذي طلقت فيه إذا آذت وفحشت على أهل الدار، قال الله تعالى: ولا يخرجن إلا أن يأتين بفاحشة مبينة قال ابن عباس: هو النشوز وسوء الخلق.

                                                وقيل: هو أن تأتي فاحشة فتخرج لإقامة الحد.

                                                [ ص: 100 ] وقيل: الفاحشة: بذاؤها على أهل زوجها.

                                                الرابع: فيه جواز استفتاء المرأة وسماع المفتي كلامها.

                                                الثاني: عن محمد بن عبد الله بن ميمون الإسكندراني شيخ أبي داود والنسائي ، عن الوليد بن مسلم الدمشقي ، عن عبد الرحمن بن عمرو الأوزاعي ، عن يحيى بن أبي كثير ، عن أبي سلمة عبد الله بن عبد الرحمن بن عوف ، عن فاطمة بنت قيس.

                                                وأخرجه أبو داود : عن محمود بن خالد ، عن الوليد ، عن أبي عمرو -هو الأوزاعي- عن يحيى ، عن أبي سلمة ، عن فاطمة بنت قيس إلى آخره نحوه.

                                                قوله: "أن أبا عمرو بن حفص" هكذا قال الأوزاعي عن يحيى بن أبي كثير عن أبي سلمة .

                                                وكذا قال مالك ، عن عبد الله بن يزيد ، عن أبي سلمة .

                                                وكذا الزهري ، عن أبي سلمة .

                                                وعن عبيد الله بن عبد الله ، عن أبي سلمة .

                                                وقال شيبان وأبان العطار ، عن يحيى: أن أبا حفص بن عمرو، فقلب، والمحفوظ ما قالت الجماعة. وذكر الدولابي ، عن النسائي: أن اسم أبي عمرو هذا: أحمد .

                                                وقال القاضي: الأشهر في اسمه: عبد الحميد .

                                                وقيل: اسمه كنيته.

                                                قوله: "فانطلق خالد بن الوليد -رضي الله عنه-" إنما مشى خالد بن الوليد في هذا الأمر؛ لأن أبا عمرو بن حفص كان ابن عم خالد بن الوليد -رضي الله عنهما-.

                                                [ ص: 101 ] قوله: "إلى أم شريك" هي أم شريك بنت دودان العامرية ويقال: الأنصارية، ويقال: الدوسية، يقال: اسمها غزية، ويقال: غزيلة، ويقال: هي التي وهبت نفسها للنبي -عليه السلام-.

                                                قوله: "إن أم شريك يأتيها المهاجرون" فيه دلالة على جواز زيارة الرجال للمرأة إذا أمنوا عليها. فإن قيل: كيف أجاز رسول الله -عليه السلام- لأم شريك أن تجتمع بالرجال؛ ولم يجز ذلك لفاطمة بنت قيس حتى قال لها: "فانتقلي إلى ابن أم مكتوم" مع أن كلا منهما عورة؟

                                                قلت: لأنه -عليه السلام- علم أن أم شريك من الستر والاحتجاب بحال ليست عليه فاطمة بنت قيس، ولعل فاطمة من شأنها أن تقعد فضلا لا تحترز كاحتراز أم شريك، ويحتمل أن تكون فاطمة ليست من القواعد وأم شريك من القواعد فليس عليها جناح ما لم تتزين بزينة، فهذا كله فرق بين أم شريك وفاطمة، ولاختلاف الحالتين أمر فاطمة أن تصير إلى ابن أم مكتوم الأعمى حيث لا يراها هو ولا غيره من الرجال في بيته.

                                                الثالث: عن ربيع بن سليمان المؤذن صاحب الشافعي ، عن بشر بن بكر التنيسي ، عن عبد الرحمن الأوزاعي ، عن يحيى بن أبي كثير ، عن أبي سلمة ، عن فاطمة بنت قيس.

                                                وأخرجه مسلم: حدثني محمد بن رافع، قال: ثنا حسين بن محمد، قال: ثنا شيبان ، عن يحيى -وهو ابن أبي كثير- قال: أخبرني أبو سلمة: "أن فاطمة بنت قيس -أخت الضحاك بن قيس- أخبرته أن أبا حفص بن المغيرة المخزومي طلقها ثلاثا، ثم انطلق إلى اليمن، فقال لها أهله: ليس لك علينا نفقة. فانطلق خالد بن الوليد -رضي الله عنه- في نفر، فأتوا رسول الله -عليه السلام- في بيت ميمونة، فقالوا: إن أبا حفص [ ص: 102 ] طلق امرأته ثلاثا، فهل لها من نفقة؟ فقال رسول الله -عليه السلام-: ليست لها نفقة، وعليها العدة. وأرسل إليها: أن لا تسبقيني بنفسك. فأمرها أن تنتقل إلى أم شريك، ثم أرسل إليها: إن أم شريك يأتيها المهاجرون الأولون، فانطلقي إلى ابن أم مكتوم؛ فإنك إذا وضعت خمارك لم يرك. فانطلقت إليه، فلما مضت عدتها أنكحها رسول الله -عليه السلام- أسامة بن زيد بن حارثة".

                                                الرابع: عن بحر بن نصر بن سابق الخولاني ، عن شعيب بن الليث ، عن أبيه الليث بن سعد ، عن عمران بن أبي أنس المصري العامري ، عن أبي سلمة عبد الله ، عن فاطمة بنت قيس.

                                                وأخرجه مسلم: نا قتيبة بن سعيد، قال: نا ليث ، عن عمران بن أبي أنس ، عن أبي سلمة قال: "سألت فاطمة بنت قيس ... " إلى آخره نحوه سواء.

                                                الخامس: عن روح بن الفرج القطان المصري ، عن عمرو بن خالد بن فروخ الحراني نزيل مصر وشيخ البخاري ، عن الليث بن سعد ، عن عمران بن أبي أنس ، عن أبي سلمة ، عن فاطمة بنت قيس.

                                                وأخرجه البيهقي : من حديث الليث ، عن عمران بن أبي أنس ، عن أبي سلمة: "سألت فاطمة فأخبرتني أن زوجها المخزومي طلقها، فأبى أن ينفق عليها، فجاءت إلى رسول الله -عليه السلام- فأخبرته، فقال: لا نفقة لك، واذهبي إلى ابن أم مكتوم فكوني عنده؛ فإنه أعمى، تضعين ثيابك عنده".

                                                السادس: عن روح بن الفرج القطان أيضا، عن يحيى بن عبد الله بن بكر القرشي المصري شيخ البخاري ، عن الليث بن سعد المصري ، عن أبي الزبير محمد بن مسلم المكي ، عن عبد الحميد بن عبد الله بن أبي عمرو بن حفص بن المغيرة بن عبد الله بن عمر بن مخزوم ، عن طلاق جده أبي عمرو، فاطمة بنت قيس ... إلى آخره.

                                                [ ص: 103 ] وعبد الحميد هذا ذكره ابن حبان في الثقات. وجده هو أبو عمرو زوج فاطمة بنت قيس، وقد ذكرناه عن قريب.

                                                قوله: "فاطمة بنت قيس" نصب؛ لأنه مفعول لمصدر المضاف إلى فاعله، أعني قوله: "عن طلاق جده".

                                                قوله: "ووكل عياش بن أبي ربيعة" أي: وكل أبو عمرو لما خرج إلى اليمن عياش بن أبي ربيعة عمرو القرشي المخزومي الصحابي .

                                                قوله: "فسخطتها" أي: فسخطت فاطمة بعض النفقة الذي أرسله عياش، وتأنيث الضمير باعتبار النفقة؛ لأن المضاف يكتسب من المضاف إليه حكمه من التسخط وهو الكراهية للشيء وعدم الرضا به، وجاء سخط مثل سقم، وسخط مثل سقم.

                                                قوله: "فسليه" أصله: اسأليه فخفف بحذف الهمزتين.

                                                قوله: "إن بيتها يوطأ" من وطئ برجله على كذا وأراد أن بيتها يدخله ناس كثير.

                                                وقوله: "أقل واطئة" أي أقل من حيث الأرجل الواطئة، ويجوز أن تكون الواطئة هنا مصدر مثل الكاذبة أي أقل وطئا، وأراد به قلة دخول الناس فيه.

                                                واعلم أن أبا القاسم البغوي روى في "معجمه" في ترجمة ابن أبي حفص: ثنا وهب بن بقية، أبنا خالد بن عبد الله الواسطي ، عن ابن أبي ليلى ، عن أبي الزبير ، عن عبد الحميد ، عن أبي عمرو وكانت تحته فاطمة بنت قيس فطلقها، فأتت النبي -عليه السلام- فقال: "لا نفقة لك" انتهى.

                                                فهذا يدل ظاهرا أن عبد الحميد روى هذا الحديث عن جده أبي عمرو بن حفص المذكور.

                                                وطريق الطحاوي المذكور ساكت عن هذا، وإنما فيه سؤال أبي الزبير عنه عبد الحميد وإخبار عبد الحميد إياه بالقضية فقط.

                                                [ ص: 104 ] السابع: عن روح بن الفرج أيضا، عن يحيى بن عبد الله بن بكير أيضا، عن الليث بن سعد أيضا، عن عبد الله بن يزيد القرشي المخزومي المدني المقرئ الأعور مولى الأسود بن سفيان روى له الجماعة، عن أبي سلمة عبد الله بن عبد الرحمن بن عوف ، عن فاطمة بنت قيس نفسها ... إلى آخره.

                                                إنما قال: "نفسها" بالتأكيد ليدل على أن أبا سلمة روى هذا الحديث عن فاطمة بدون واسطة بينهما، بخلاف الطريق الذي قبله؛ فإن عبد الحميد المذكور فيه لم يرو عن نفس فاطمة، وأخبر بالقضية لأبي الزبير المكي حين سأله.

                                                قوله: "حرفا بحرف" يعني: من غير اختلاف كلمة ولا تغيير لفظ من حديث الليث عن أبي الزبير المذكور في الطريق السابق.

                                                الثامن: عن يونس بن عبد الأعلى ، عن عبد الله بن وهب .... إلى آخره.

                                                وأخرجه مسلم : نا يحيى بن يحيى، قال: قرأت على مالك ، عن عبد الله بن يزيد مولى الأسود بن سفيان ، عن أبي سلمة بن عبد الرحمن، عن فاطمة بنت قيس: "أن أبا عمرو بن حفص طلقها البتة وهو غائب، فأرسل إليها وكيله بشعير، فسخطته، فقال: والله ما لك علينا من شيء. فجاءت رسول الله -عليه السلام-، فذكرت ذلك له، فقال: ليس لك عليه نفقة. فأمرها أن تعتد في بيت أم شريك، ثم قال: تلك امرأة يغشاها أصحابي، اعتدي عند ابن أم مكتوم؛ فإنه رجل أعمى، تضعين ثيابك، فإذا حللت فآذنيني، قالت: فلما حللت ذكرت له أن معاوية بن أبي سفيان وأبا جهم خطباني. فقال رسول الله -عليه السلام-: أما أبو جهم فلا يضع عصاه عن عاتقه، وأما معاوية فصعلوك لا مال له، انكحي أسامة بن زيد. فكرهته، ثم قال: انكحي أسامة. فنكحته، فجعل الله فيه خيرا واغتبطت".

                                                التاسع: عن نصر بن مرزوق وإبراهيم بن أبي داود البرلسي، كلاهما عن عبد الله بن صالح شيخ البخاري ، عن الليث بن سعد ، عن عقيل -بضم العين- ابن خالد [ ص: 105 ] الأيلي ، عن محمد بن مسلم بن شهاب الزهري عن أبي سلمة عبد الله بن عبد الرحمن بن عوف ، عن فاطمة بنت قيس.

                                                وأخرجه الطبراني مختصرا : ثنا محمد بن عبد الرحيم بن نمير المصري، ثنا سعيد بن نفير، نا الليث ، عن عقيل ، عن ابن شهاب ، عن أبي سلمة بن عبد الرحمن ، عن فاطمة بنت قيس: "أنها كانت عند أبي عمرو بن حفص بن المغيرة، فطلقها ثلاث تطليقات، فجاءت رسول الله -عليه السلام-، فاستفتته في خروجها من بيتها، فأمرها أن تنتقل إلى ابن أم مكتوم".

                                                وأخرجه مسلم : حدثني محمد بن رافع، قال: ثنا حجين قال: ثنا الليث ، عن عقيل ، عن ابن شهاب ، عن أبي سلمة ... إلى آخره نحوه.

                                                العاشر: عن روح بن الفرج القطان ، عن يحيى بن عبد الله بن بكير شيخ البخاري ، عن الليث بن سعد ، عن عقيل بن خالد ، عن الزهري ، عن أبي سلمة ، عن فاطمة بنت قيس.

                                                وأخرجه البيهقي : من حديث عقيل ، عن ابن شهاب، أخبرني أبو سلمة، أن فاطمة بنت قيس -وهي أخت الضحاك بن قيس- أخبرته: "أنها كانت تحت أبي عمرو بن حفص، فطلقها ثلاثا، فأمر وكيله لها بنفقة، فرغبت عنها، فقال: ما لك علينا من نفقة. فجاءت رسول الله -عليه السلام-، فسألته عن ذلك، فقال لها: صدق. وجعلها إلى ابن أم مكتوم، فأنكر الناس عليها ما كانت تحدث من خروجها قبل أن تحل".

                                                وأخرجه أبو داود : ثنا يزيد بن خالد الرملي، قال: ثنا الليث ، عن عقيل، [ ص: 106 ] عن ابن شهاب ، عن أبي سلمة ، عن فاطمة بنت قيس أنها أخبرته: "أنها كانت عند أبي حفص بن المغيرة، وأن أبا حفص بن المغيرة طلقها ثلاث تطليقات، فزعمت أنها جاءت رسول الله -عليه السلام-، فاستفتته في خروجها من بيتها، فأمرها أن تنتقل إلى ابن أم مكتوم الأعمى، فأبى مروان أن يصدق حديث فاطمة في خروج المطلقة من بيتها قال عروة: وأنكرت عائشة على فاطمة بنت قيس".

                                                قال أبو داود: وكذلك رواه صالح بن كيسان وابن جريج وشعيب بن أبي حمزة، كلهم عن الزهري .

                                                الحادي عشر: عن فهد بن سليمان ، عن علي بن معبد بن شداد ، عن إسماعيل بن أبي كثير الأنصاري المدني ، عن محمد بن عمرو بن علقمة بن وقاص الليثي المدني ، عن أبي سلمة ، عن فاطمة.

                                                وأخرجه مسلم : عن أبي بكر بن أبي شيبة ، عن محمد بن بشر ، عن محمد بن عمرو ، عن أبي سلمة ، عن فاطمة بنت قيس ... إلى آخره نحوه.

                                                الثاني عشر: عن ربيع المؤذن صاحب الشافعي ، وسليمان بن شعيب الكيساني، كلاهما عن أسد بن موسى ، عن محمد بن عبد الرحمن بن أبي ذئب ، عن الحارث بن عبد الرحمن القرشي المدني خال ابن أبي ذئب ، عن أبي سلمة عبد الله بن عبد الرحمن بن عوف ، ومحمد بن عبد الرحمن بن ثوبان القرشي العامري المدني، كلاهما عن فاطمة بنت قيس.

                                                وأخرجه الطبراني : نا حفص بن عمرو السدوسي، ثنا عاصم بن علي، نا ابن أبي ذئب ، عن الحارث بن عبد الرحمن ويزيد بن عبد الله بن قسيط ، عن أبي سلمة بن عبد الرحمن، وعن محمد بن عبد الرحمن بن ثوبان ، عن فاطمة بنت قيس قالت: "طلقني زوجي، وكان يرزقني طعاما فيه شيء، وكنت امرأة ليس لي أحد؛ [ ص: 107 ] فقلت: والله لئن كانت لي نفقة فلأطلبنها، فأتيت النبي -عليه السلام-، فقال: لا نفقة لك ولا سكنى، اعتدي عند ابن أم مكتوم؛ فإنه أعمى".

                                                الثالث عشر: عن روح بن الفرج القطان ، عن أحمد بن صالح المصري المعروف بابن الطبري الحافظ المبرز وشيخ البخاري وأبي داود ، عن عبد الرزاق بن همام -صاحب المصنف- عن عبد الملك بن عبد العزيز بن جريج ، عن عطاء بن أبي رباح ، عن عبد الرحمن بن عاصم بن ثابت الحجازي ، عن فاطمة بنت قيس.

                                                وأخرجه النسائي : أنا عبد الحميد بن محمد، ثنا مخلد، قال: ثنا ابن جريج ، عن عطاء، قال: أخبرني عبد الرحمن بن عاصم: "أن فاطمة بنت قيس أخبرته -وكانت عند رجل من بني مخزوم- أنه طلقها ثلاثا، وخرج عنها إلى بعض المغازي، وأمر وكيله أن يعطيها بعض النفقة، فتقالتها، فانطلقت إلى بعض نساء النبي -عليه السلام-، فدخل رسول الله -عليه السلام- وهي عندها، فقالت: يا رسول الله هذه فاطمة بنت قيس، طلقها فلان، فأرسل إليها ببعض النفقة، فردتها، وزعم أنه شيء تطول به. قال: صدق. قال النبي -عليه السلام-: فانتقلي إلى أم كلثوم فاعتدي عندها. ثم قال: إن أم كلثوم امرأة يكثر عوادها، فانتقلي إلى عبد الله بن أم مكتوم فإنه أعمى. فانتقلت إلى عبد الله، فاعتدت عنده، حتى انقضت عدتها، ثم خطبها أبو الجهم ومعاوية بن أبي سفيان، فجاءت رسول الله -عليه السلام- تستأمره فيهما، فقال: أما أبو الجهم فرجل أخاف عليك قسقاسته العصا وأما معاوية فرجل أملق من المال، فتزوجت أسامة بن زيد بعد ذلك".

                                                قوله: "تطول به" أي: تفضل به وتبرع من غير وجوب شيء عليه.

                                                قوله: "قسقاسته" وقع في أصل الحافظ المنذري بخطه بالقافين والشينين المعجمتين.

                                                وقال صاحب "النهاية" والهروي: بالقافين والسينين المهملتين وهو الصواب، ومعناه: تحريكه العصا عند الضرب، يقال: قسقس الرجل في مشيه إذا أسرع.

                                                [ ص: 108 ] الرابع عشر: عن إبراهيم بن مرزوق ، عن وهب بن جرير ، عن شعبة ، عن أبي بكر بن أبي الجهم، وهو أبو بكر بن عبد الله بن أبي الجهم القرشي العدوي وقد ينسب إلى جده، واسم أبي الجهم صخير، ويقال: عبيد بن حذيفة بن غانم، وثقه يحيى ، وابن حبان وروى له مسلم والترمذي والنسائي وابن ماجه .

                                                وأخرجه ابن ماجه مختصرا: ثنا أبو بكر بن أبي شيبة وعلي بن محمد، قالا: ثنا وكيع ، عن سفيان ، عن أبي بكر بن أبي الجهم صخير العدوي، قال: سمعت فاطمة بنت قيس تقول: "إن زوجها طلقها ثلاثا، فلم يجعل لها رسول الله -عليه السلام- سكنى ولا نفقة".

                                                قوله: "رجل يغشى" بضم الياء آخر الحروف وسكون الغين وفتح الشين المعجمتين -أي يقرب، وأراد أنه يأتي إليه ناس كثير، وهذه الرواية تخالف سائر الروايات، فإن في سائر الروايات المأمور لها بالسكنى للاعتداد عنده: ابن أم مكتوم، وعلله بأنه أعمى، وفي هذه الرواية المأمور لها عدم السكنى عنده، والانتقال إلى ابن فلان وهو مجهول، والله أعلم.

                                                الخامس عشر: عن فهد بن سليمان ، عن محمد بن سعيد بن الأصبهاني شيخ البخاري ، عن شريك بن عبد الله النخعي ، عن أبي بكر بن أبي الجهم صخير ... إلى آخره.

                                                وأخرجه الطبراني : نا علي بن عبد العزيز، ثنا محمد بن سعيد الأصبهاني، أنا شريك ، عن أبي بكر بن صخير قال: "دخلت أنا وأبو سلمة ... " إلى آخره نحوه سواء.

                                                السادس عشر: عن فهد أيضا، عن أبي اليمان الحكم بن نافع شيخ البخاري ، عن شعيب بن أبي حمزة دينار البصري ، عن محمد بن مسلم الزهري ، عن عبيد الله -بالتصغير- بن عبد الله -بالتكبير- بن عتبة بن مسعود المدني الفقيه الأعمى أحد الفقهاء السبعة، عن فاطمة بنت قيس.

                                                [ ص: 109 ] وذكر أبو مسعود الدمشقي أن حديث عبيد الله هذا مرسل. والله أعلم.




                                                الخدمات العلمية