الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
                                                صفحة جزء
                                                4611 4612 4613 4614 4615 4616 ص: وقد روي عن النبي -عليه السلام- خلاف ذلك:

                                                حدثنا عبد الرحمن بن الجارود ، قال: ثنا سعيد بن عفير، قال: حدثني سليمان بن بلال ، عن عبد الله بن دينار ، عن ابن عمر: "أن النبي -عليه السلام- سئل عن ليلة القدر فقال: تحروها في السبع الأواخر من رمضان". .

                                                حدثنا نصر بن مرزوق ، قال: ثنا علي بن معبد ، قال: ثنا إسماعيل بن جعفر ، عن عبد الله بن دينار ، عن ابن عمر ، عن النبي -عليه السلام- مثله.

                                                حدثنا إبراهيم بن مرزوق، قال: ثنا أبو عاصم ، عن ابن جريج ، قال: أخبرني الزهري ، عن حديث سالم بن عبد الله ، عن ابن عمر قال: قال رسول الله -عليه السلام-: "التمسوا ليلة القدر في السبع الأواخر". .

                                                حدثنا يزيد بن سنان وابن أبي داود، قالا: ثنا عبد الله بن صالح، قال: حدثني الليث، قال: حدثني عقيل ، عن ابن شهاب ، عن سالم ، عن أبيه ، عن رسول الله -عليه السلام-، مثله.

                                                حدثنا يزيد، قال: ثنا القعنبي، قال: قرأت على مالك ، عن عبد الله بن دينار ، عن ابن عمر ، عن النبي -عليه السلام-، مثله.

                                                حدثنا يزيد، قال: ثنا أبو صالح، قال: حدثني الليث ، عن نافع ، عن ابن عمر ، عن النبي -عليه السلام-، مثله.

                                                التالي السابق


                                                ش: أي قد روي عن النبي - صلى الله عليه وسلم - خلاف ما روي من أنها في كل رمضان.

                                                وأخرجه من ست طرق صحاح، ورجالها رجال الصحيح ما خلا مشايخ الطحاوي .

                                                [ ص: 219 ] وأبو عاصم النبيل الضحاك بن مخلد ، وابن جريج هو عبد الملك ، والزهري هو محمد بن مسلم ، وعقيل -بضم العين- ابن خالد الأيلي ، وابن شهاب هو الزهري ، والقعنبي عبد الله بن مسلمة بن قعنب .

                                                وهذا الحديث أخرجه البخاري ومسلم ، من حديث مالك ، عن نافع ، عن ابن عمر .

                                                وأخرجه مسلم أيضا: عن يحيى بن يحيى ، عن مالك ، عن عبد الله بن دينار ، عن ابن عمر ، عن النبي -عليه السلام- قال: "تحروا ليلة القدر في السبع الأواخر".

                                                وأخرجه أبو داود : عن القعنبي ، عن مالك، نحوه.

                                                وأخرجه البخاري أيضا: من حديث عقيل ، عن ابن شهاب ، عن سالم ، عن أبيه: أن رسول الله -عليه السلام- قال: "إن أناسا منكم رأوا ليلة القدر في السبع الأول، وإن أناسا رأوها في السبع الأواخر، فالتمسوها في السبع الأواخر".

                                                وأخرجه مسلم أيضا نحوه، من حديث يونس ، عن ابن شهاب .

                                                وأخرجه عبد الرزاق : عن معمر وابن جريج ، عن الزهري ، عن سالم ، عن أبيه، أن النبي -عليه السلام- قال: "التمسوا ليلة القدر في العشر الغوابر في السبع الغوابر".

                                                وأخرجه البيهقي من حديث مالك والليث ويونس ، عن نافع ، عن ابن عمر قال: "أري رجل في المنام أن ليلة القدر في السبع الأواخر من رمضان، فقال [ ص: 220 ] رسول الله -عليه السلام-: "أسمع رؤياكم قد تواطأت على أنها في السبع الأواخر، فمن كان متحريها فليتحرها في السبع الأواخر".

                                                قوله: "تحروها" أي اطلبوها، أي احرصوا على طلب ليلة القدر، واجتهدوا فيه في السبع الأواخر.

                                                فإن قيل: ما تقول في الاختلاف الذي جاء في هذا الباب؟

                                                فإن ابن عمر -رضي الله عنهما- قد روى عنه -عليه السلام- أنه قال: "تحروها في السبع الأواخر من رمضان"، وجاء في حديث أبي سعيد "التمسوها في العشر الأواخر من رمضان، والتمسوها في كل وتر، والتمسوها في التاسعة والسابعة والخامسة"، وجاء في حديث أبي بن كعب: "أنها ليلة سبع وعشرين"، وفي حديث ابن عباس: "ليلة ثلاث وعشرين"، وكذا في حديث عبد الله بن أنيس، وفي حديث ابن مسعود: "من يقم الحول يصب ليلة القدر"، إلى غير ذلك من الأخبار التي جاءت في هذا الباب.

                                                قلت: هذه الآثار كلها محمولة [على] الوفاق دون الخلاف، والجمع بينها: بأنها في اختلاف السنين؛ فحديث أبي في سنة، وحديث عبد الله في سنة، وحديث أبي سعيد في أخرى، وأمر بها النبي -عليه السلام- في العشر الأواخر في عام، وفي السبع في عام، وكلتاهما في العشر الأوسط في عام، فهذا يدل على أنها ليست في ليلة معينة أبدا، وأنها في الأعوام أو في شهر رمضان على ما ذهب إليه أبو حنيفة -رحمه الله-، وسيجيء ما يقرب من هذا في أثناء كلام الطحاوي -رحمه الله-.




                                                الخدمات العلمية