الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.
اختيار هذا الخط
الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.
5537 5538 ص: وقد روي عنه ما يدل على أن رأيه كان في الفرقة بخلاف ما ذهب إليه من ذهب أن البيع يتم بها، وذلك أن سليمان بن شعيب قد حدثنا، قال: ثنا nindex.php?page=showalam&ids=15537بشر بن بكر ، عن nindex.php?page=showalam&ids=13760الأوزاعي ، قال: حدثني nindex.php?page=showalam&ids=12300الزهري ، عن حمزة بن عبد الله ، أن nindex.php?page=showalam&ids=12عبد الله بن عمر ، -رضي الله عنهما- قال: nindex.php?page=treesubj&link=22843_4473 "ما أدركت الصفقة حيا، فهو من مال المبتاع".
حدثنا nindex.php?page=showalam&ids=17418يونس ، قال: أنا nindex.php?page=showalam&ids=16472ابن وهب ، قال: أخبرني nindex.php?page=showalam&ids=17423يونس ، عن nindex.php?page=showalam&ids=12300ابن شهاب ... ، فذكر بإسناده مثله.
قال nindex.php?page=showalam&ids=14695أبو جعفر : -رحمه الله-: فهذا nindex.php?page=showalam&ids=12ابن عمر قد كان يذهب فيما أدركت الصفقة حيا فهلك بعدها أنه من مال المشتري؛ فدل ذلك أنه كان يرى أن البيع يتم بالأقوال قبل الفرقة التي تكون بعد ذلك، وأن المبيع ينتقل بتلك الأقوال من ملك البائع إلى ملك المبتاع، حتى يهلك من ماله إن هلك، فهذا الذي ذكرنا أدل على مذهب nindex.php?page=showalam&ids=12ابن عمر في الفرقة التي سمعها من النبي -عليه السلام- مما ذكروا.
ش: هذا جواب آخر عن ما ذكروه من فعل nindex.php?page=showalam&ids=12ابن عمر المذكور، تقريره أن يقال: إن ما ذكرتم عن nindex.php?page=showalam&ids=12ابن عمر -رضي الله عنه- من فعله الذي استدل به على مراد رسول الله -عليه السلام- في الفرقة يعارضه ما روي عنه مما يدل على أن رأيه كان في الفرقة بخلاف ذلك، بيانه أنه قال: "ما أدركت الصفقة حيا فهو من مال المبتاع" فهذا يدل على أنه قد كان [ ص: 422 ] يذهب فيما أدركت الصفقة حيا فهلك بعدها أنه من مال المشتري، ويدل أنه كان يرى أن nindex.php?page=treesubj&link=4489_22892_22889البيع يتم بالأقوال قبل التفرق بالأبدان الذي يكون بعد ذلك، وأن المبيع ينتقل بتلك الأقوال من ملك البائع إلى ملك المشتري، حتى إنه إذا هلك يهلك من مال المشتري، وقد اعترض nindex.php?page=showalam&ids=13064ابن حزم ها هنا باعتراض ساقط، وقال: هذا من عجائبهم لأنهم أول مخالف لهذا الخبر، فالحنفيون يقولون: بل هو من البائع ما لم يره المبتاع أو يسلم إليه البائع، والمالكيون يقولون: بل إن كان غائبا غيبة بعيدة فهو من البائع، فمن أعجب ممن يحتج بخبر هو عليه لا له؟! ويجاهر هذه المجاهرة، وما في كلام ابن عمر هذا شيء يخالف ما صح عنه من أن البيع لا يصح إلا بتفرق الأبدان، فقوله: ما أدركت الصفقة إنما أراد البيع التام بلا شك، ومن قوله المشهور عنه أنه لا بيع يتم البتة إلا بتفرق الأبدان، أو بالتخيير بعد العقد. انتهى.
قلت: لا نسلم أنهم أول مخالف لهذا الخبر؛ لأن الحنفية إنما يقولون: يهلك المبيع من مال البائع إذا منعه بعد العقد عن تسلم المشتري، وأما إذا nindex.php?page=treesubj&link=4473تم العقد وأخل بينه وبين المشتري فهلك المبيع، فإنه يهلك من مال المشتري، وذلك لأن التخلية بمنزلة القبض حقيقة، وقوله: "وما في كلام ابن عمر هذا شيء يخالف ما صح عنه ... " إلى آخره. غير صحيح، لأن قوله هذا يعارض فعله ذاك صريحا على أن فعله ذاك قد يحتمل الاحتمالات المذكورة.
وقوله: "هذا يدل على أن الفرقة بالأقوال" فهذا يكون دالا على أن الفرقة التي سمعها من النبي -عليه السلام-، هي الفرقة بالأقوال لا بالأبدان. فافهم.
ثم إنه أخرج الأثر المذكور من طريقين صحيحين:
الأول: عن سليمان بن شعيب الكيساني ، عن nindex.php?page=showalam&ids=15537بشر بن بكر التنيسي شيخ nindex.php?page=showalam&ids=13790الشافعي ، عن nindex.php?page=showalam&ids=13760عبد الرحمن بن عمرو الأوزاعي ، عن حمزة بن عبد الله بن عمر بن الخطاب ، عن أبيه nindex.php?page=showalam&ids=12عبد الله بن عمر -رضي الله عنهما-.
[ ص: 423 ] وهذا أخرجه nindex.php?page=showalam&ids=12070البخاري تعليقا ولفظه: وقال nindex.php?page=showalam&ids=12ابن عمر: "ما أدركت الصفقة حيا مجموعا فهو من المبتاع".
وأخرجه nindex.php?page=showalam&ids=14269الدارقطني موصولا من طريق nindex.php?page=showalam&ids=13760الأوزاعي نحو رواية nindex.php?page=showalam&ids=14695الطحاوي .
والثاني: عن nindex.php?page=showalam&ids=17418يونس بن عبد الأعلى المصري ، عن nindex.php?page=showalam&ids=16472عبد الله بن وهب المصري ، عن nindex.php?page=showalam&ids=17423يونس بن يزيد الأيلي ، عن nindex.php?page=showalam&ids=12300محمد بن مسلم بن شهاب الزهري عن حمزة بن عبد الله بن عمر ، عن أبيه، عن nindex.php?page=showalam&ids=12عبد الله بن عمر .
وأخرجه nindex.php?page=showalam&ids=13064ابن حزم أيضا من طريق nindex.php?page=showalam&ids=16472ابن وهب، وفي روايته: "ما أدركت الصفقة حيا مجموعا فهو من مال المبتاع".
و"الصفقة" البيعة، سميت بذلك لأنهم كانوا يضربون الأيدي على الأيدي عند البيع، ومنه يقال: "صفقة رابحة" و"صفقة خاسرة" يقال: "صفقت له بالبيع والبيعة صفقا" أي ضربت يدي على يده.
قوله: "من مال المبتاع" أي المشتري، وقال الطحاوي في "مشكل الآثار": ولا يكون من المبتاع إلا ما قد وقع ملكه، فالصفقة عليه.