الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
صفحة جزء
إذ

ظرف لماضي الزمان ، يضاف للجملتين
كقوله تعالى : ( واذكروا إذ أنتم قليل ) ( الأنفال : 26 ) وتقول : أيدك الله إذ فعلت . وأما قوله تعالى : ( ولو ترى إذ وقفوا على النار ) ( الأنعام : 27 ) فـ " ترى " مستقبل ، " وإذ " ظرف للماضي ، وإنما كان كذلك لأن الشيء كائن ، وإن لم يكن بعد ، وذلك عند الله قد كان لأن علمه به سابق ، وقضاءه به نافذ ، فهو كائن لا محالة . وقيل : المعنى : " ولو ترى ندمهم وخزيهم في ذلك اليوم بعد وقوفهم على النار " . فـ " إذا " ظرف ماض ، لكن بالإضافة إلى ندمهم الواقع بعد المعاينة فقد صار وقت التوقف ماضيا بالإضافة إلى ما بعده ، والذي بعده هو مفعول " ترى " .

وأجاز بعضهم مجيئها مفعولا به كقوله : ( واذكروا إذ أنتم قليل ) ( الأنفال : 26 ) ومنعه آخرون ، وجعلوا المفعول محذوفا ، و " إذ " ظرف ، عامله ذلك المحذوف ، والتقدير : ( واذكروا نعمة الله عليكم ) ( البقرة : 231 ) إذا ، واذكروا حالكم . ونحوه قوله : ( إذ قال الله ياعيسى ) ( آل عمران : 55 ) قيل : قال له ذلك لما رفعه إليه . وتكون بمعنى حين ، كقوله : ( ولا تعملون من عمل إلا كنا عليكم شهودا إذ تفيضون فيه ) ( يونس : 61 ) أي حين تفيضون فيه .

[ ص: 185 ] وحرف تعليل ، نحو : ( ولن ينفعكم اليوم إذ ظلمتم ) ( الزخرف : 39 ) ( وإذ لم يهتدوا به ) ( الأحقاف : 11 ) .

وقيل : تأتي ظرفا لما يستقبل بمعنى " إذا " ، وخرج عليه بعض ما سبق . وكذا قوله : ( فسوف يعلمون إذ الأغلال في أعناقهم ) ( غافر : 70 - 71 ) وأنكره السهيلي لأن " إذا " لا يجيء بعدها المضارع مع النفي ، وقد تجيء بعد القسم كقوله : ( والليل إذا يسر ) ( الفجر : 4 ) لانعدام معنى الشرطية فيه .

وقيل : تجيء زائدة نحو : ( وإذ قال ربك للملائكة ) ( البقرة : 30 ) وقيل : هي فيه بمعنى " قد " .

وقد تجيء بمعنى " أن " حكاه السهيلي في " الروض " ، عن نص سيبويه في كتابه ، قال : ويشهد له قوله تعالى : ( بعد إذ أنتم مسلمون ) ( آل عمران : 80 ) . وعليه يحمل قوله تعالى : ( ولن ينفعكم اليوم إذ ظلمتم أنكم في العذاب مشتركون ) ( الزخرف : 39 ) قال : وغفل الفارسي عما في الكتاب من هذا ، وجعل الفعل المستقبل الذي بعد " لن " عاملا في الظرف الماضي ، فصار بمنزلة من يقول : سآتيك اليوم أمس .

قال : وليت شعري ما تقول في قوله تعالى : ( وإذ لم يهتدوا به فسيقولون هذا إفك قديم ) ( الأحقاف : 11 ) فإن جوز وقوع الفعل في الظرف الماضي على أصله ، فكيف يعمل ما بعد الفاء فيما قبلها لا سيما مع السين وهو قبيح أن تقول : غدا سآتيك ! فكيف إن قلت : غدا فسآتيك ! فكيف إن زدت على هذا وقلت : أمس فسآتيك ، وإذ على أصله بمعنى أمس

التالي السابق


الخدمات العلمية