الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
                                                                                                                              صفحة جزء
                                                                                                                              3329 باب في غزوة الطائف

                                                                                                                              ونحوه في النووي :

                                                                                                                              حديث الباب

                                                                                                                              وهو بصحيح مسلم \ النووي ص 122 - 123 ج 12 المطبعة المصرية

                                                                                                                              [ عن عبد الله بن عمرو، قال: حاصر رسول الله صلى الله عليه وسلم أهل الطائف ، فلم ينل منهم شيئا. فقال: "إنا قافلون. إن شاء الله" قال أصحابه: نرجع ولم نفتتحه؟ فقال لهم رسول الله صلى الله عليه وسلم "اغدوا على القتال" فغدوا عليه، فأصابهم جراح. فقال لهم رسول الله صلى الله عليه وسلم: "إنا قافلون غدا". قال: فأعجبهم ذلك. فضحك رسول الله صلى الله عليه وسلم] .

                                                                                                                              التالي السابق


                                                                                                                              (الشرح)

                                                                                                                              (عن عبد الله بن عمرو "رضي الله عنهما") . هكذا هو في نسخ صحيح مسلم : " ابن عمرو " بفتح العين . وهو ابن العاص . قال عياض : هكذا هو في رواية الجلودي وأكثر أهل الأصول، عن ابن ماهان .

                                                                                                                              وقال القاضي الشهيد " أبو علي " : صوابه " ابن عمر بن الخطاب " رضي الله عنهما . كذا ذكره البخاري . وكذا صوبه الدارقطني . وذكر ابن أبي شيبة الحديث في مسنده عن سفيان ، فقال : " عبد الله بن عمرو [ ص: 230 ] ابن العاص ". ثم قال: إن ابن عقبة حدث به مرة أخرى (عن عبد الله بن عمر) . وقد ذكر خلف الواسطي هذا الحديث (في كتاب الأطراف : في مسند ابن عمر ، ثم في مسند ابن عمرو . وأضافه في الموضعين إلى البخاري ومسلم جميعا . وأنكروا هذا على خلف . وذكره أبو مسعود الدمشقي في الأطراف، عن ابن عمر بن الخطاب . قال : أخرجه البخاري ومسلم . وذكره الحميدي في الجمع بين الصحيحين ، في مسند ابن عمر . ثم قال: هكذا أخرجه البخاري ومسلم في كتب الأدب ، عن قتيبة . وأخرجه هو ومسلم جميعا في المغازي ، عن ابن عمرو بن العاص . قال : والحديث من حديث ابن عيينة . وقد اختلف فيه عليه ; فمنهم من رواه عنه هكذا . ومنهم من رواه بالشك.

                                                                                                                              قال الحميدي : قال أبو بكر البرقاني : الأصح " ابن عمر بن الخطاب " .

                                                                                                                              قال: وكذا أخرجه أبو مسعود ، في مسند ابن عمر بن الخطاب .

                                                                                                                              قال الحميدي : وليس لأبي العباس هذا ، في مسند ابن عمر بن الخطاب : غير هذا الحديث المختلف فيه . وقد ذكره النسائي في سننه ، في كتاب السير ، عن ابن عمرو بن العاص فقط .

                                                                                                                              (قال : حاصر رسول الله صلى الله عليه) وآله (وسلم أهل الطائف ، فلم ينل منهم شيئا . فقال : " إنا قافلون ، إن شاء الله ") تعالى . (قال [ ص: 231 ] أصحابه : نرجع ولم نفتتحه ؟ فقال لهم رسول الله صلى الله عليه) وآله (وسلم : " اغدوا على القتال " فغدوا عليه ، فأصابهم جراح . فقال لهم رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم : " إنا قافلون غدا " قال : فأعجبهم ذلك . فضحك رسول الله صلى الله عليه وآله (وسلم) .

                                                                                                                              معنى الحديث : أنه صلى الله عليه وآله وسلم ، قصد الشفقة على أصحابه والرفق بهم ، بالرحيل عن الطائف ، لصعوبة أمره وشدة الكفار الذين فيه ، وتقويتهم بحصنهم . مع أنه صلى الله عليه وآله وسلم علم أو رجا : أنه سيفتحه بعد هذا بلا مشقة ، كما جرى . فلما رأى حرص أصحابه على المقام والجهاد ، أقام وجد في القتال . فلما أصابتهم الجراح ، رجع إلى ما كان قصده أولا ، من الرفق بهم . ففرحوا بذلك لما رأوا من المشقة الظاهرة . ولعلهم نظروا فعلموا : أن رأي النبي صلى الله عليه وآله وسلم أبرك وأنفع ، وأحمد عاقبة ، وأصوب من رأيهم . فوافقوا على الرحيل وفرحوا . فضحك النبي صلى الله عليه وآله وسلم ، تعجبا من سرعة تغير رأيهم . والله أعلم .




                                                                                                                              الخدمات العلمية