الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
                                                                                                                              معلومات الكتاب

                                                                                                                              السراج الوهاج من كشف مطالب صحيح مسلم بن الحجاج

                                                                                                                              صديق خان - محمد صديق حسن خان القنوجي الظاهري

                                                                                                                              صفحة جزء
                                                                                                                              3756 باب: غطوا الإناء ، وأوكوا السقاء

                                                                                                                              وذكره النووي في : ( الباب المتقدم) .

                                                                                                                              حديث الباب

                                                                                                                              وهو بصحيح مسلم \ النووي ص 184 ، 185 ج 13 المطبعة المصرية

                                                                                                                              من [عن عطاء، أنه سمع جابر بن عبد الله يقول: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: "إذا كان جنح الليل- أو أمسيتم- فكفوا صبيانكم. فإن الشيطان ينتشر حينئذ. فإذا ذهب ساعة من الليل، فخلوهم. وأغلقوا الأبواب. واذكروا [ ص: 505 ] اسم الله. فإن الشيطان لا يفتح بابا مغلقا. وأوكوا قربكم. واذكروا اسم الله. وخمروا آنيتكم. واذكروا اسم الله. ولو أن تعرضوا عليها شيئا. وأطفئوا مصابيحكم"].

                                                                                                                              التالي السابق


                                                                                                                              (الشرح)

                                                                                                                              ( عن جابر بن عبد الله) رضي الله عنهما ؛ ( قال : قال رسول الله صلى الله عليه) وآله ( وسلم : إذا كان جنح الليل) بضم الجيم وكسرها - لغتان مشهورتان - وهو ظلامه . ويقال : " أجنح الليل"، أي أقبل ظلامه . وأصل الجنوح : "الميل ".

                                                                                                                              ( - أو أمسيتم - فكفوا صبيانكم) . أي : امنعوهم من الخروج ، من ذلك الوقت . ( فإن الشيطان ينتشر حينئذ) . أي : جنس الشيطان . ومعناه : أنه يخاف على الصبيان من ذلك الوقت ، من إيذاء الشياطين ، لكثرتهم حينئذ . والله أعلم .

                                                                                                                              وفي رواية أخرى : "لا ترسلوا فواشيكم وصبيانكم ، إذا غابت الشمس ، حتى تذهب فحمة العشاء " . " والفواشي " : كل منتشر من المال ؛ كالإبل والغنم ، وسائر البهائم وغيرها . جمع : "فاشية " . لأنها تفشو . أي : تنتشر في الأرض.

                                                                                                                              [ ص: 506 ] " وفحمة العشاء " : ظلمتها وسوادها . وفسرها بعضهم هنا : بإقباله ، وأول ظلامه . وكذا ذكره صاحب " نهاية الغريب " . قال : ويقال للظلمة " التي بين صلاتي المغرب والعشاء " : الفحمة . والتي بين العشاء والفجر : العسعسة .

                                                                                                                              ( فإذا ذهب ساعة من الليل ؛ فخلوهم) . أي : لا تمنعوهم من الخروج في هذا الوقت .

                                                                                                                              ( وأغلقوا الأبواب . واذكروا اسم الله . فإن الشيطان لا يفتح بابا مغلقا) . فيه : صراحة بغلق أبواب البيت في الليل ، وذكر اسم الله تعالى عنده ، لعدم قدرة الشياطين على فتح الباب المغلق .

                                                                                                                              ( وأوكوا قربكم . واذكروا اسم الله) . فيه : تصريح بأنه لا بد من ذكر اسم الله ؛ على كل أمر ذي بال .

                                                                                                                              ( وخمروا آنيتكم . واذكروا اسم الله . ولو أن تعرضوا عليها شيئا . وأطفئوا مصابيحكم) .

                                                                                                                              وهذا الحديث : فيه جمل من أنواع الخير ، والآداب الجامعة لمصالح الدنيا والآخرة . فأمر صلى الله عليه وآله وسلم بهذه الآداب ؛ التي هي سبب للسلامة من إيذاء الشيطان . وجعل الله عز وجل هذه الأسباب أسبابا للسلامة من إيذائه ، فلا يقدر على كشف لإناء ، ولا حل لسقاء ، [ ص: 507 ] ولا فتح باب ، ولا إيذاء صبي وغيره : إذا وجدت هذه الأسباب . وهذا كما جاء في الحديث الصحيح : " إن العبد إذا سمى عند دخوله بيته ، قال الشيطان : لا مبيت " . أي : لا سلطان لنا على المبيت على هؤلاء . وكذلك إذا قال الرجل عند جماع أهله : " اللهم ! جنبنا الشيطان ، وجنب الشيطان ما رزقتنا ": كان سبب سلامة المولود من ضرر الشيطان .

                                                                                                                              وكذلك شبه هذا ؛ مما هو مشهور في الأحاديث الصحيحة .

                                                                                                                              وفي هذا الحديث : الحث على ذكر الله ؛ في هذه المواضع . ويلحق بها : ما في معناها .

                                                                                                                              قال الشافعية : يستحب أن يذكر اسم الله تعالى ، على كل أمر ذي بال . وكذلك يحمد الله تعالى في أول كل أمر ذي بال ؛ للحديث الحسن المشهور .




                                                                                                                              الخدمات العلمية