الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
                                                                                                                              معلومات الكتاب

                                                                                                                              السراج الوهاج من كشف مطالب صحيح مسلم بن الحجاج

                                                                                                                              صديق خان - محمد صديق حسن خان القنوجي الظاهري

                                                                                                                              صفحة جزء
                                                                                                                              3675 [ ص: 481 ] باب: النهي أن ينبذ الزبيب والتمر

                                                                                                                              قال النووي : هذا كله ، سبق بيانه في أبوابه .

                                                                                                                              وقال النووي : (باب كراهة انتباذ التمر والزبيب ،مخلوطين) .

                                                                                                                              حديث الباب

                                                                                                                              وهو بصحيح مسلم \ النووي ص 154 ج 13 المطبعة المصرية



                                                                                                                              [ (عن جابر بن عبد الله الأنصاري) رضي الله عنهما، (عن رسول الله صلى الله عليه) (وسلم: أنه نهى أن ينبذ التمر والزبيب جميعا ونهى أن ينبذ الرطب والبسر جميعا) ) . وفي رواية : "نهى أن يخلط التمر والزبيب ، والبسر والتمر". وفي أخرى : "لا تجمعوا بين الرطب والبسر ، وبين الزبيب والتمر " ] .

                                                                                                                              التالي السابق


                                                                                                                              (الشرح)

                                                                                                                              وهذه الروايات صريحة ، واضحة الدلالة على النهي عن انتباذ الخليطين وشربهما .

                                                                                                                              قال أهل العلم : سبب الكراهة فيه : أن الإسكار يسرع إليه بسبب الخلط ، قبل أن يتغير طعمه ، فيظن الشارب : أنه ليس مسكرا ، ويكون مسكرا .

                                                                                                                              [ ص: 482 ] قال النووي : مذهب الجمهور : أن هذا النهي لكراهة التنزيه . ولا يحرم ذلك ما لم يصر مسكرا . قال : وبهذا قال جماهير العلماء . أي : من الشافعية وغيرهم . وقال بعض المالكية : هو حرام . انتهى . قلت : وظاهر النهي : التحريم .

                                                                                                                              وقال أبو حنيفة ، وأبو يوسف في رواية عنه : لا كراهة فيه ، ولا بأس به . لأن ما حل مفردا ، حل مخلوطا . والحديث يرد عليهما . ولهذا أنكره الجمهور ، وقالوا : منابذة لصاحب الشرع، فقد ثبتت الأحاديث الصحيحة ، الصريحة في النهي عنه . فإن لم يكن حراما ، كان مكروها .

                                                                                                                              قال القرطبي : وهذه مخالفة للنص بقياس ، مع وجود الفارق ، فهو فاسد . ثم هو منتقض بجواز كل واحدة من الأختين منفردة ، وتحريمهما مجتمعتين . انتهى .

                                                                                                                              والأصح : أن النهي لا يختص بالشرب ، بل يعمه غيره . قال النووي : وأما خلطهما ، لا في الانتباذ ، بل في معجون وغيره : فلا بأس به . والله أعلم . انتهى .

                                                                                                                              قال الخطابي : ذهب إلى تحريم الخليطين " وإن لم يكن الشراب [ ص: 483 ] منهما مسكرا " : جماعة ، عملا بظاهر الحديث . وهو قول مالك ، وأحمد ، وإسحاق . وظاهر مذهب الشافعي .

                                                                                                                              وخص الليث النهي : بما إذا انتبذا معا .

                                                                                                                              وخص ابن حزم النهي : بخمسة أشياء ؛ التمر ، والرطب ، والزهو ، والبسر ، والزبيب . قال : سواء خلط أحدها في الآخر منها . أو في غيرها . فأما لو خلط واحد من غيرها ، في واحد من غيرها : فلا منع . كالتين والعسل مثلا . قال في النيل : وحديث " أنس " يرد عليه . أقول : المراد بحديث " أنس " : ما أخرجه النسائي عنه : " قال : نهى رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم : أن نجمع بين شيئين فينبذا . إلخ " .

                                                                                                                              وقال القرطبي : النهي عن الخليطين ، ظاهر في التحريم . وهو قول جمهور فقهاء الأمصار .




                                                                                                                              الخدمات العلمية