الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
                                                                                                                              صفحة جزء
                                                                                                                              3750 باب منه

                                                                                                                              وقال النووي : (باب جواز شرب اللبن) .

                                                                                                                              حديث الباب

                                                                                                                              وهو بصحيح مسلم \ النووي ص 179 ، 180 ج 13 المطبعة المصرية

                                                                                                                              [عن شعبة، قال: سمعت أبا إسحاق الهمداني يقول: سمعت البراء يقول: لما أقبل رسول الله صلى الله عليه وسلم من مكة إلى المدينة، فأتبعه سراقة بن [ ص: 510 ] مالك بن جعشم. قال: فدعا عليه رسول الله صلى الله عليه وسلم، فساخت فرسه. فقال: ادع الله لي، ولا أضرك. قال: فدعا الله.

                                                                                                                              قال: فعطش رسول الله صلى الله عليه وسلم، فمروا براعي غنم. قال أبو بكر الصديق: فأخذت قدحا، فحلبت فيه لرسول الله صلى الله عليه وسلم كثبة من لبن، فأتيته به، فشرب حتى رضيت].


                                                                                                                              التالي السابق


                                                                                                                              (الشرح)

                                                                                                                              ( عن البراء) رضي الله عنه : ( قال : لما أقبل رسول الله صلى الله عليه) وآله (وسلم من مكة إلى المدينة ، قال : فأتبعه سراقة بن مالك بن جعشم) . بضم الجيم والشين ، وإسكان العين بينهما . ويقال " بفتح الشين " . حكاه الجوهري في الصحاح ، عن الفراء . قال النووي : والصحيح المشهور : ضمها .

                                                                                                                              ( قال : فدعا عليه رسول الله صلى الله عليه) وآله ( وسلم ، فساخت فرسه) . بالسين والخاء المعجمة معناه : نزلت في الأرض ، وقبضتها الأرض : " وكان في جلد من الأرض " . كما جاء في الرواية الأخرى .

                                                                                                                              [ ص: 511 ] ( فقال : ادع الله لي . ولا أضرك) . هكذا وقع في بعض النسخ ؛ بلفظ الواحد : "ادع الله ". وفي بعضها : "ادعوا الله " بلفظ التثنية ؛ للنبي صلى الله عليه وآله وسلم ، وأبي بكر رضي الله عنه . قال النووي : وكلاهما ظاهر . ( قال : فدعا الله) . وفيه : معجزة ظاهرة لرسول الله ، صلى الله عليه وآله وسلم .

                                                                                                                              ( قال : فعطش رسول الله صلى الله عليه) وآله ( وسلم ، فمروا براعي غنم) . هكذا في الأصول : " براعي " بالياء . وهي لغة قليلة . والأشهر : " براع ".

                                                                                                                              ( قال أبو بكر الصديق) رضي الله عنه : ( فأخذت قدحا ، فحلبت فيه لرسول الله صلى الله عليه) وآله (وسلم كثبة) بضم الكاف وسكون الثاء ، وبعدها موحدة . وهو الشيء القليل ( من لبن ، فأتيته به ، فشرب حتى رضيت) . أي : شرب حتى علمت أنه شرب حاجته وكفايته .

                                                                                                                              وشربه صلى الله عليه وآله وسلم من هذا اللبن ، وليس صاحبه حاضرا ، لأنه كان راعيا لرجل من أهل المدينة ، كما جاء في الرواية الأخرى . وقد ذكرها مسلم في آخر الكتاب . وفي رواية : " لرجل من قريش ". والجواب عنه من أوجه ؛

                                                                                                                              [ ص: 512 ] أحدها : أن هذا كان رجلا حربيا لا أمان له ، فيجوز الاستيلاء على ماله .

                                                                                                                              والثاني : يحتمل أنه كان رجلا يدل عليه النبي صلى الله عليه وآله وسلم ، ولا يكره شربه من لبنه .

                                                                                                                              والثالث : لعله كان في عرفهم مما يتسامحون به لكل أحد ، ويأذنون لرعاتهم ليسقوا من يمر بهم .

                                                                                                                              والرابع : أنه كان مضطرا .

                                                                                                                              قاله النووي رحمه الله تعالى .




                                                                                                                              الخدمات العلمية