الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
                                                                                                                              معلومات الكتاب

                                                                                                                              السراج الوهاج من كشف مطالب صحيح مسلم بن الحجاج

                                                                                                                              صديق خان - محمد صديق حسن خان القنوجي الظاهري

                                                                                                                              صفحة جزء
                                                                                                                              3724 [ ص: 489 ] باب: الرخصة في الانتباذ في الظروف كلها،

                                                                                                                              والنهي عن شرب كل مسكر

                                                                                                                              وهو في النووي في : ( الباب المتقدم) .

                                                                                                                              حديث الباب

                                                                                                                              وهو بصحيح مسلم \ النووي ص 167 ج 13 المطبعة المصرية

                                                                                                                              [ (عن ابن بريدة، عن أبيه: أن رسول الله صلى الله عليه) وسلم قال: "نهيتكم عن الظروف. وإن الظروف- أو ظرفا- لا تحل شيئا ولا تحرمه وكل مسكر حرام") . وفي رواية أخرى عنه ، عند مسلم : "نهيتكم عن النبيذ إلا في سقاء . فاشربوا في الأسقية كلها " - قال عياض صوابها : " في الأوعية كلها " - " ولا تشربوا مسكرا " . وفي رواية : " نهيتكم عن الأشربة في ظروف الأدم ، فاشربوا في كل وعاء ، غير أن لا تشربوا مسكرا " ] .

                                                                                                                              التالي السابق


                                                                                                                              (الشرح)

                                                                                                                              قال عياض : فيها تغيير من بعض الرواة . وصوابها : "كنت نهيتكم [ ص: 490 ] عن الأشربة ، إلا في ظروف الأدم ". فحذف " إلا" التي للاستثناء . ولا بد منها .

                                                                                                                              قال : فالحاصل : أن صواب الروايتين : " كنت نهيتكم عن الانتباذ ؛ إلا في سقاء . فانتبذوا واشربوا في كل وعاء " . وما سوى هذا ؛ تغيير من الرواة . انتهى .

                                                                                                                              قال الخطابي : ذهب الجمهور : إلى أن النهي ؛ إنما كان أولا ، ثم نسخ . وذهب جماعة : إلى أن النهي عن الانتباذ في هذه الأوعية باق . منهم : ابن عمر ، وابن عباس . وبه قال مالك ، وأحمد ، وإسحاق . ( كذا أطلق) . قال : والأول أصح . والمعنى في النهي : أن العهد بإباحة الخمر كان قريبا . فلما اشتهر التحريم ، أبيح لهم الانتباذ في كل وعاء ، بشرط ترك شرب المسكر . وكأن من ذهب إلى استمرار النهي ؛ لم يبلغه الناسخ .

                                                                                                                              وقال الحازمي : لمن نصر قول مالك أن يقول : ورد النهي عن الظروف كلها ، ثم نسخ منها ظروف الأدم ، والجرار غير المزفتة ، واستمر ما عداها على المنع . ثم تعقب ذلك بما ورد من التصريح ؛ في حديث " بريدة "، عند مسلم .

                                                                                                                              [ ص: 491 ] قال : وطريق الجمع أن يقال : لما وقع النهي عاما ، شكوا إليه الحاجة ، فرخص لهم في ظروف الأدم . ثم شكوا إليه : أن كلهم لا يجد ذلك ، فرخص لهم في الظروف كلها .

                                                                                                                              وقال ابن بطال : النهي عن الأوعية ، إنما كان قطعا للذريعة . فلما قالوا : لا نجد بدا من الانتباذ في الأوعية ، قال : " انتبذوا . وكل مسكر حرام ". وهكذا الحكم في كل شيء نهي عنه بمعنى النظر إلى غيره ، فإنه يسقط للضرورة . كالنهي عن الجلوس في الطرقات ، فلما قالوا : لا بد لنا منها ، قال : " وأعطوا الطريق حقها " .




                                                                                                                              الخدمات العلمية