الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
الفرع الثاني: تعريف الواقع:

الواقع من وقع يقع وقوعا، ووقع في اللغة تأت بعدد من المعاني [1] منها: الحصول، يقال: "وقع الربيع بالأرض" أي: حصل. ومنها: السقوط، يقال: "وقع الشيء من يده" أي: سقط، ومواقع القطر: مساقطه.

ومنها: الوجوب، ومنه قوله تعالى: ( وإذا وقع القول عليهم ) (النمل:82)، أي: وجب. ومنها: الثبوت، يقال: "وقع الحق" أي: ثبت. ومنها: المناسبة، يقال: "هذه نعل لا تقع على رجلي" أي: لا تناسب رجلي. ومنها: التأثير، يقال: "وقع الكلام في نفسه" أي: أثر فيها [2] .

وفي الاصطلاح:

عرفه د. نور الدين الخادمي، بقوله: "والواقع ليس إلا مجموع الوقائع الفردية والجماعية، الخاصة والعامة" [3] . فحصر الواقع في إطار الأفعال الإنسانية.

وحاول أحمد بوعود، في تعريفه توسيع المفهوم، فقال: "كل ما يكون حياة الناس في جميع المجالات، بكل مظاهرها وظواهرها وأعراضها وطوارئها" [4] . [ ص: 13 ]

وكذا حاول د. عبد المجيد النجار، فعرفه بأنه: "ما تجري عليه حياة الناس، في مجالاتها المختلفة، من أنماط في المعيشة، وما تستقر عليه من عادات وتقاليد وأعراف، وما يستجد فيها من نوازل وأحداث" [5] .

فـحـصر كلاهـمـا الواقـع في حياة الناس، وحصر د. النجار، حياة الناس في الأعراف والتقاليد، ونص على أن ما يستجد من نوازل داخلة في الواقع، والحقيقة أنها لم تقع، فكيف تدخل!.

وعلى ذلك أرى أن أفضل التعاريف ما عرفه به صديق حسن خان [6] بقوله: "ما عليه الشيء بنفسه في ظرفه مع قطع النظر عن إدراك المدركين وتعبير المعبرين، والوصول إليه يكون بالعيان أو البرهان" [7] .

وذلك لأن الشيء يعني كل موجود إما حسا كالأجسام أو حكما كالأقوال [8] ، دون النظر لإدراك الناس له وحكايتهم عنه، كما أنه حصر أساليب الاستدلال عليه والوصول إليه بالعيان أو البرهان . [ ص: 14 ]

التالي السابق


الخدمات العلمية