الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
                                                                                        معلومات الكتاب

                                                                                        المطالب العالية بزوائد المسانيد الثمانية

                                                                                        ابن حجر العسقلاني - أحمد بن علي بن حجر العسقلاني

                                                                                        صفحة جزء
                                                                                        3958 - وقال أبو يعلى : حدثنا سهل بن زنجلة ، ثنا عبد الله بن صالح ، حدثني عبد الله بن لهيعة ، عن محمد بن المنكدر ، عن جابر رضي الله عنه قال : إن رسول الله صلى الله عليه وسلم أقام أياما لم يطعم طعاما حتى شق ذلك عليه ، فطاف صلى الله عليه وسلم في منازل أزواجه ، فلم يصب عند واحدة منهن شيئا ، فأتى فاطمة - رضي الله عنها - فقال : يا بنية ، هل عندك شيء آكله ، فإني جائع ؟ فقالت : لا والله ، بأبي أنت وأمي ، فلما خرج من عندها بعثت إليها جارة لها برغيفين وقطعة لحم ، فأخذته منها ، فوضعته في جفنة لها وغطت عليها ، وقالت : والله لأوثرن بهذا رسول الله صلى الله عليه وسلم على نفسي ومن عندي ، وكانوا جميعا محتاجين إلى شبعة طعام ، فبعثت حسنا أو حسينا - رضي الله عنهما - إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم فرجع إليها ، فقالت له : بأبي أنت وأمي ، قد أتى الله تعالى بشيء فخبأته لك ، قال صلى الله عليه وسلم : هلمي به ، فأتته به فكشف عن الجفنة فإذا هي مملوءة خبزا ولحما ، فلما نظرت إليها بهتت ، وعرفت أنها بركة من الله - عز وجل - فحمدت الله تعالى وصلت على نبيه صلى الله عليه وسلم ، وقدمته إلى النبي صلى الله عليه وسلم ، فلما رآه حمد الله تعالى وقال : من أين لك هذا يا بنية ؟ فقلت : يا أبت ، من عند الله ؛ إن الله يرزق من يشاء بغير حساب .

                                                                                        [ ص: 179 ] فحمد الله تعالى وقال : الحمد لله الذي جعلك يا بنية ، شبيهة لسيدة نساء بني إسرائيل ، فإنها كانت إذا رزقها الله شيئا فسئلت عنه قالت : من عند الله إن الله يرزق من يشاء بغير حساب .

                                                                                        فبعث رسول الله صلى الله عليه وسلم إلى علي رضي الله عنه ، ثم أكل رسول الله صلى الله عليه وسلم وعلي ، وفاطمة ، وحسن ، وحسين ، وجميع أزواج النبي صلى الله عليه وسلم ، وأهل بيته - رضي الله عنهم جميعا - حتى شبعوا ، وبقيت الجفنة كما هي ، قالت : فأوسعت ببقيتها على جميع جيراني ، وجعل الله تبارك وتعالى فيها بركة وخيرا كثيرا
                                                                                        .

                                                                                        [ ص: 180 ]

                                                                                        التالي السابق


                                                                                        الخدمات العلمية