المسألة الحادية عشرة  
[1] إذا أمر بفعل من الأفعال مطلقا غير مقيد في اللفظ بقيد خاص   
قال بعض أصحابنا : الأمر إنما تعلق بالماهية الكلية المشتركة ولا تعلق له بشيء من جزئياتها ، وذلك كالأمر بالبيع فإنه لا يكون أمرا بالبيع بالغبن الفاحش ولا بثمن المثل إذ هما متفقان في مسمى البيع ومختلفان بصفتهما .  
والأمر إنما تعلق بالقدر المشترك ، وهو غير مستلزم لما تخصص به كل واحد من الأمرين ، فلا يكون الأمر المتعلق بالأعم متعلقا بالأخص اللهم إلا أن تدل القرينة على إرادة أحد الأمرين .  
قال : ولذلك قلنا إن الوكيل في البيع المطلق لا يملك البيع بالغبن الفاحش ، وهو غير صحيح .  
وذلك لأن ما به الاشتراك بين الجزئيات معنى كلي لا تصور لوجوده في الأعيان وإلا كان موجودا في جزئياته .  
ويلزم من ذلك انحصار ما يصلح اشتراك كثيرين فيه فيما لا يصلح لذلك وهو محال .  
 [ ص: 184 ] وعلى هذا فليس معنى اشتراك الجزئيات في المعنى الكلي سوى أن الحد المطابق للطبيعة الموصوفة بالكلية مطابق للطبيعة الجزئية ، بل إن تصور وجوده فليس في غير الأذهان .  
وإذا كان كذلك فالأمر طلب إيقاع الفعل على ما تقدم ، وطلب الشيء يستدعي كونه متصورا في نفس الطالب على ما تقدم تقريره .  
وإيقاع المعنى الكلي في الأعيان غير متصور في نفسه فلا يكون متصورا في نفس الطالب فلا يكون آمرا به ، ولأنه يلزم منه التكليف بما لا يطاق ، ومن أمر بالفعل مطلقا لا يقال إنه مكلف بما لا يطاق ، فإذا الأمر لا يكون بغير الجزئيات الواقعة في الأعيان لا بالمعنى الكلي ، وبطل ما ذكره .  
ثم وإن سلم أن الأمر متعلق بالمعنى الكلي المشترك وهو المسمى بالبيع ، فإذا أتى المأمور ببعض الجزئيات كالبيع بالغبن الفاحش فقد أتى بما هو مسمى البيع المأمور به الموكل فيه ، فوجب أن يصح نظرا إلى مقتضى صيغة الأمر المطلق بالبيع .  
وإن قيل بالبطلان فلا يكون ذلك لعدم دلالة الأمر به بل لدليل معارض .  
				
						
						
