الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
          الشرط الرابع : أن يكون الراوي متصفا بصفة العدالة وذلك يتوقف على معرفة ( العدل ) لغة وشرعا .

          أما العدل في اللغة ، فهو عبارة عن المتوسط في الأمور من غير إفراط في طرفي الزيادة والنقصان ، ومنه قوله تعالى : ( وكذلك جعلناكم أمة وسطا ) أي عدلا .

          فالوسط والعدل بمعنى واحد .

          وقد يطلق في اللغة والمراد به المصدر المقابل للجور ، وهو اتصاف الغير بفعل ما يجب له ، وترك ما لا يجب ، والجور في مقابلته .

          وقد يطلق : ويراد به ما كان من الأفعال الحسنة يتعدى الفاعل إلى غيره ، ومنه يقال للملك المحسن إلى رعيته : عادل .

          وأما في لسان المتشرعة ، فقد يطلق ويراد به أهلية قبول الشهادة والرواية عن النبي صلى الله عليه وسلم .

          [ ص: 77 ] وقد قال الغزالي في معنى هذه الأهلية إنها عبارة عن استقامة السيرة والدين .

          وحاصلها يرجع إلى هيئة راسخة في النفس تحمل على ملازمة التقوى والمروءة جميعا ، حتى تحصل ثقة النفوس بصدقه .

          وذلك إنما يتحقق باجتناب الكبائر وبعض الصغائر وبعض المباحات .

          أما الكبائر فقد روى ابن عمر عن أبيه عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه قال : " الكبائر تسع ؛ الشرك بالله تعالى ، وقتل النفس المؤمنة ، وقذف المحصنة ، والزنا ، والفرار من الزحف ، والسحر ، وأكل مال اليتيم ، وعقوق الوالدين المسلمين ، والإلحاد بالبيت الحرام " .

          وروى أبو هريرة مع ذلك : أكل الربا ، والانقلاب إلى الأعراب بعد هجرة .

          وروي عن علي عليه السلام ، أنه أضاف إلى ذلك : السرقة ، وشرب الخمر [1] .

          وأما بعض الصغائر فما يدل فعله على نقض الدين ، وعدم الترفع عن الكذب وذلك كسرقة لقمة ، والتطفيف بحبة ، واشتراط أخذ الأجرة على إسماع الحديث ونحوه .

          وأما بعض المباحات فيما يدل على نقص المروءة ، ودناءة الهمة ، كالأكل في السوق والبول في الشوارع وصحبة الأراذل ، والإفراط في المزح . ونحو ذلك مما يدل على سرعة الإقدام على الكذب ، وعدم الاكتراث به .

          ولا خلاف في اعتبار اجتناب هذه الأمور في العدالة المعتبرة في قبول الشهادة والرواية عن النبي صلى الله عليه وسلم ؛ لأن من لا يجتنب هذه الأمور أحرى أن لا يجتنب الكذب ، فلا يكون موثوقا بقوله .

          ولا خلاف أيضا في اشتراط هذه الأمور الأربعة في الشهادة .

          وتختص الشهادة بشروط أخر : كالحرية ، والذكورة ، والعدد والبصر ، وعدم القرابة والعداوة .

          وإذ أتينا شروط الرواية فلا بد من الإشارة إلى ذكر مسائل متشعبة عن شروط العدالة جرت العادة بذكرها وهي ثمان مسائل .

          التالي السابق


          الخدمات العلمية