الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
          [ ص: 41 ] المسألة الرابعة

          إذا روى واحد خبرا ، ورأينا الأمة مجمعة على العمل بمقتضاه ، قال جماعة من المعتزلة ، كأبي هاشم وأبي عبد الله البصري وغيرهما ، إن ذلك يدل على صدقه قطعا ، وإلا كان عملهم بمقتضاه خطأ ، والأمة لا تجتمع على الخطأ وهو باطل .

          وذلك لأنه من المحتمل أنهم لم يعملوا به ، بل بغيره من الأدلة أو بعضهم به ، وبعضهم بغيره .

          وبتقدير عمل الكل به فلا يدل ذلك على صدقه قطعا ؛ لأنه إذا كان مظنون الصدق ، فالأمة مكلفة بالعمل بموجبه ، وعملهم بموجبه مع تكليفهم بذلك لا يكون خطأ ، لأن خطأهم إنما يكون بتركهم لما كلفوا به ، أو العمل بما نهوا عنه .

          ومع هذه الاحتمالات فصدقه لا يكون مقطوعا ، وإن كان مظنونا .

          وعلى هذا لو روى واحد خبرا ، واتفق أهل الإجماع فيه على قولين ، فطائفة عملت بمقتضاه وطائفة اشتغلت بتأويله ، فلا يدل ذلك على صدقه قطعا ، وذلك لأن الطائفة التي عملت بمقتضاه لعلها لم تعمل به ، بل بغيره ، كما سبق .

          وبتقدير أن تكون عاملة به ، فاتفاقهم على قبوله لا يوجب كونه صادقا قطعا لما ذكرناه من تكليفهم باتباع الظني .

          التالي السابق


          الخدمات العلمية