الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
          معلومات الكتاب

          الإحكام في أصول الأحكام

          الآمدي - علي بن محمد الآمدي

          [ ص: 257 ] المسألة الرابعة عشرة

          اختلفوا في دلالة المفهوم تفريعا على القول به هل لها عموم أو لا ؟

          وكشف الغطاء عن ذلك أن نقول : المفهوم ينقسم إلى مفهوم الموافقة ، وهو ما كان حكم السكوت عنه موافقا لحكم المنطوق ، وإلى مفهوم المخالفة ، وهو ما كان حكم السكوت عنه مخالفا لحكم المنطوق كما يأتي تحقيقه .

          فإن كان من قبيل مفهوم الموافقة كما في تحريم ضرب الوالدين من تنصيصه على تحريم التأفيف لهما ، فحكم التحريم وإن كان شاملا للصورتين ، لكن مع اختلاف جهة الدلالة فثبوته في صورة النطق بالمنطوق ، وفي صورة السكوت بالمفهوم فلا المنطوق عاما بالنسبة إلى الصورتين ، ولا المفهوم من غير خلاف .

          وإنما الخلاف في عموم المفهوم بالنسبة إلى صورة السكوت ، ولا شك أن حاصل النزاع فيه آيل إلى اللفظ .

          فإن من قال بكونه عاما بالنسبة إليهما إنما يريد به ثبوت الحكم به في جميعها لا بالدلالة اللفظية ، وذلك مما لا خلاف فيه بين القائلين بالمفهوم .

          ومن نفى العموم كالغزالي فلم يرد به أن الحكم لم يثبت به في جميع صور السكوت إذ هو خلاف الفرض ، وإنما أراد نفي ثبوته مستندا إلى الدلالة اللفظية ، وذلك مما لا يخالف فيه القائل بعموم المفهوم .

          وأما مفهوم المخالفة كما في نفي الزكاة عن المعلوفة من تنصيصه - صلى الله عليه وسلم - على وجوب الزكاة في الغنم السائمة ، فلا شك أيضا بأن اللفظ فيه غير عام بمنطوقه للصورتين ولا بمفهومه ، وإنما النزاع في عمومه بالنسبة إلى جميع صور السكوت ، وحاصل النزاع أيضا فيه آيل إلى اللفظ كما سبق في مفهوم الموافقة .

          التالي السابق


          الخدمات العلمية