الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
          معلومات الكتاب

          الإحكام في أصول الأحكام

          الآمدي - علي بن محمد الآمدي

          [ ص: 328 ] المسألة السابعة

          لا نعرف خلافا بين القائلين بالعموم ، والمفهوم أنه يجوز تخصيص العموم بالمفهوم ، وسواء كان من قبيل مفهوم الموافقة أو من قبيل مفهوم المخالفة حتى إنه لو قال السيد لعبده : كل من دخل داري فاضربه ، ثم قال : إن دخل زيد داري فلا تقل له : أف ، فإن ذلك يدل على تحريم ضرب زيد وإخراجه عن العموم ، نظرا إلى مفهوم الموافقة وما سيق له الكلام من كف الأذى عن زيد ، وسواء قيل إن تحريم الضرب مستفاد من دلالة اللفظ أو من القياس الجلي على اختلاف المذاهب في ذلك كما يأتي .

          وكذا لو ورد نص عام يدل على وجوب الزكاة في الأنعام كلها ، ثم ورد قوله - صلى الله عليه وسلم - : " في الغنم السائمة زكاة " ، فإنه يكون مخصصا للعموم بإخراج معلوفة الغنم عن وجوب الزكاة بمفهومه .

          وإنما كان كذلك ؛ لأن كل واحد من المفهومين دليل شرعي ، وهو خاص في مورده فوجب أن يكون مخصصا للعموم ، لترجح دلالة الخاص على دلالة العام كما سبق تقريره .

          فإن قيل : المفهوم ، وإن كان خاصا وأقوى في الدلالة من العموم إلا أن العام منطوق به ، والمنطوق أقوى في دلالته من المفهوم لافتقار المفهوم في دلالته إلى المنطوق ، وعدم افتقار المنطوق في دلالته إلى المفهوم .

          قلنا : إلا أن العمل بالمفهوم لا يلزم منه إبطال العمل بالعموم مطلقا ، ولا كذلك بالعكس .

          ولا يخفى أن الجمع بين الدليلين ، ولو من وجه أولى من العمل بظاهر أحدهما وإبطال أصل الآخر .

          التالي السابق


          الخدمات العلمية