المسألة التاسعة
، وعدم إنكاره عليه مع علمه به وعدم الغفلة والذهول عنه مخصص لذلك العام عند الأكثرين خلافا لطائفة شاذة . تقرير النبي - صلى الله عليه وسلم - لما يفعله الواحد من أمته بين يديه مخالفا للعموم
ودليل ذلك أن تقريره له عليه دليل على جواز ذلك الفعل له وإلا كان فعله منكرا ، ولو كان كذلك لاستحال من النبي - صلى الله عليه وسلم - السكوت عنه وعدم [ ص: 332 ] النكير عليه .
وإذا كان التقرير دليل الجواز ، وإن أمكن نسخ ذلك الحكم مطلقا أو نسخه عن ذلك الواحد بعينه ، لكنه بعيد ، واحتمال تخصيصه من العموم أولى وأقرب لما قررناه فيما تقدم .
وعند ذلك ، فإن أمكن تعقل معنى أوجب جواز مخالفة ذلك الواحد للعموم فكل من كان مشاركا له في ذلك المعنى فهو مشارك له في تخصيصه عن ذلك العام بالقياس عليه ، عند من يرى جواز تخصيص العام بالقياس على محل التخصيص ، وأما إن لم يظهر المعنى الجامع فلا .
فإن قيل : التقرير لا صيغة له ، فلا يقع في مقابلة ما له صيغة فلا يكون مخصصا للعموم ، وبتقدير أن يكون مخصصا فلا بد وأن يكون غير ذلك الواحد مشاركا له في حكمه ، وإلا فلو لم يكن غير ذلك الواحد مشاركا له في حكمه لصرح النبي - صلى الله عليه وسلم - بتخصيصه بذلك الحكم دون غيره ، دفعا لمحذور التلبيس على الأمة باعتقادهم المشاركة لذلك الواحد في حكمه لقوله - صلى الله عليه وسلم - : " حكمي على الواحد حكمي على الجماعة " . [1]
قلنا : وإن كان التقرير لا صيغة له غير أنه حجة قاطعة في جواز الفعل نفيا للخطأ عن النبي - صلى الله عليه وسلم - بخلاف العام ، فإنه ظني محتمل للتخصيص فكان موجبا لتخصيصه .
وما ذكروه من وجوب المشاركة فبعيد ؛ وذلك لأن حكم ذلك الواحد لا يخلو إما أن يكون له أو عليه ، فإن كان له فقوله : " حكمي على الواحد حكمي على الجماعة " لا يكون مرتبطا به ، وإن كان عليه فقوله : " حكمي على الواحد حكمي على الجماعة " إنما يكون حجة موهمة لمشاركة الجماعة لذلك الواحد ، أن لو كان قوله : ( حكمي ) عاما في كل حكم ، وهو غير مسلم .
وإذا لم يكن ذلك حجة عامة فلا تدليس ولا تلبيس ، وبتقدير مشاركة الأمة لذلك الواحد في ذلك الحكم يكون نسخا ، ولا يكون تخصيصا كما ظن بعضهم .