[ ص: 336 ] المسألة الثالثة عشرة
، هل يكون خصوص المتأخر مخصصا للعام المتقدم بما الضمير عائد إليه أو لا ؟ اختلفوا فيه ، فذهب بعض أصحابنا وبعض اللفظ العام إذا عقب بما فيه ضمير عائد إلى بعض العام المتقدم لا إلى كله المعتزلة وغيره إلى امتناع التخصيص بذلك ، ومنهم من جوزه ، ومنهم من توقف كإمام الحرمين كالقاضي عبد الجبار وأبي الحسين البصري .
وذلك كما في قوله - تعالى - : ( والمطلقات يتربصن بأنفسهن ثلاثة قروء ) فإنه عام في كل الحرائر المطلقات بوائن كن أو رجعيات .
ثم قال : ( وبعولتهن أحق بردهن ) ، فإن الضمير فيه إنما يرجع إلى الرجعيات دون البوائن ، وعلى هذا النحو .
والمختار بقاء اللفظ الأول على عمومه ، وامتناع تخصيصه بما تعقبه .
وذلك لأن مقتضى اللفظ إجراؤه على ظاهره من العموم ومقتضى اللفظ الثاني عود الضمير إلى جميع ما دل عليه اللفظ المتقدم ، إذ لا أولوية لاختصاص بعض المذكور السابق به دون البعض فإذا قام الدليل على تخصيص الضمير ببعض المذكور السابق وخولف ظاهره لم يلزم منه مخالفة الظاهر الأخير ، بل يجب إجراؤه على ظاهره إلى أن يقوم الدليل على تخصيصه . [1]
فإن قيل : إنما يلزم مخالفة ظاهر ما اقتضاه الضمير من العود إلى كل المذكور السابق إذا أجرينا اللفظ السابق على عمومه ، وليس القول بإجرائه على عمومه ، ومخالفة ظاهر الضمير أولى من إجراء ظاهر الضمير على مقتضاه ، وتخصيص المذكور السابق ، وإذا لم يترجح أحدهما وجب الوقف .
قلنا : بل إجراء اللفظ المتقدم على عمومه وتخصيص المتأخر أولى من العكس ؛ لأن دلالة الأول ظاهرة ، ودلالة الثاني غير ظاهرة ، ولا يخفى أن دلالة المظهر أقوى من دلالة المضمر ، فكان راجحا .