الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.
اختيار هذا الخط
الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.
ش - nindex.php?page=treesubj&link=21789ومن شروط علة الأصل أن لا يكون دليل عليتها متناولا حكم الفرع ، إما بطريق العموم بأن يكون الدليل شاملا لحكم الفرع ، أو لغيره .
كما إذا قيل : الفواكه مطعومة فيجري فيه الربا قياسا على البر ، ثم يثبت علية الطعم بقوله - عليه السلام : " لا تبيعوا الطعام بالطعام إلا مثلا بمثل " ، فإنه كما يدل على علية الطعم بالإيماء ، يدل على حكم الفواكه بطريق العموم ; لتناوله حكم غير الفواكه ، وإما بطريق الخصوص بأن يكون مخصوصا بصورة الفرع فقط .
كما إذا قيل في مسألة الخارج من غير السبيلين : خارج نجس ، فينتقض به الوضوء قياسا على الخارج من السبيلين ، ثم يبين علية الخارج من النجس بقوله - عليه السلام : " من قاء أو رعف ، فليتوضأ " . فإنه كما يدل على علية الخارج النجس ، يدل على [ ص: 73 ] حكم الفرع بخصوصه ; لأنه لا يدل على حكم غيره . واحتج على هذا الشرط بأنه لو كان دليل العلة متناولا حكم الفرع ، لكان القياس تطويلا بلا فائدة; لأن إثبات حكم الفرع بالقياس يتوقف على إثبات العلة بالدليل العام أو الخاص ، والدليل بعينه يدل على حكم الفرع من غير توسط ، والقياس يدل على حكم الفرع بتوسط ، فالإثبات بالقياس تطويل بلا فائدة ، ومع هذا يلزم الرجوع عن القياس; لأن الحكم حينئذ يثبت بذلك الدليل ، لا بالعلة ، فيكون رجوعا عن القياس .
القائلون بعدم اشتراطه قالوا : منع القياس في مثل هذه الصورة مناقشة جدلية ، وذلك لأن دلالة القياس على ثبوت حكم الفرع مغاير دلالة ذلك الدليل ; لأن دلالة القياس عليه يتوقف على مقدمات لم يتوقف عليها دلالة ذلك الدليل ، فمنع القياس لتوقف مقدمة من مقدماته على ذلك الدليل مناقشة جدلية .