الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
            صفحة جزء
            ص - ومنها : أجمعوا على تقديمه على القاطع : فدل على أنه قاطع ، وإلا تعارض الإجماعان ; [ لأن ] القاطع مقدم .

            فإن قيل : يلزم أن يكون المحتج عليه عدد التواتر ; لتضمن الدليلين ذلك . قلنا : إن سلم - فلا يضر .

            التالي السابق


            ش - الدليل الثاني على كون الإجماع حجة قطعية . تقريره أنا علمنا بالتواتر أن العلماء المحققين أجمعوا على تقديم الإجماع على النص القاطع . فدل ذلك على أن الإجماع دليل قطعي ; لأنه لو لم يكن دليلا قطعيا ، لزم تعارض الإجماعين . والتالي باطل ، فالمقدم مثله .

            [ ص: 535 ] بيان الملازمة أنا علمنا أيضا أنهم أجمعوا على أن القاطع مقدم على غير القاطع . فهذا الإجماع يقتضي تقدم القاطع على غيره ، فلو لم يكن الإجماع دليلا قاطعا لكان الإجماع الأول الدال على تقدم الإجماع على النص مقتضيا لتقدم غير القاطع الذي هو الإجماع على القاطع . فيلزم تعارض الإجماعين ; لأن أحدهما يقتضي تقدم القاطع على غيره ، والآخر يقتضي عدم تقدمه .

            وأما انتفاء التالي ; فلأن العادة تقضي بامتناع وقوع التعارض بين أقوال مثل هذا العدد من العلماء المحققين .

            فإن قيل : كل واحد من الدليلين الدالين على كون الإجماع حجة قطعية ، يقتضي أن يكون الإجماع المحتج على كونه حجة ، ما بلغ المجمعون فيه عدد التواتر ، لتضمن كل واحد من الدليلين ذلك ، أي كون المجمعين عدد التواتر .

            أما الأول; فلأن العادة إنما تحيل اجتماع العدد الكثير على القطع في شرعي من غير قاطع إذا كان عددهم عدد التواتر .

            وأما الثاني; فلأن العادة إنما تقضي بامتناع التعارض [ بين ] أقوال مثل هذا العدد ، إذا بلغ عددهم عدد التواتر . وإذا كان كذلك ، فلا يكون اتفاق من نقص عددهم من عدد التواتر حجة . ولا اختصاص لكونه حجة باتفاق المجتهدين ، بل كل طائفة بلغ عددهم عدد التواتر ، اتفاقهم إجماع ، وإن لم يكونوا مجتهدين .

            [ ص: 536 ] أجاب المصنف [ عنه ] بأنا لا نسلم استلزام الدليلين لذلك ; فإن العادة تحيل اجتماع المحققين بالقطع في شرعي من غير قاطع ، سواء بلغ عددهم التواتر أو لم يبلغ .

            وكذا تحكم العادة بامتناع التعارض بين أقوال جمع من العلماء المحققين ، سواء بلغوا عدد التواتر أم لا .

            ولئن سلمنا لزوم ذلك الدليلين [ ولكن ] لا يضر; لأن اللازم حينئذ كون القاطعين بتخطئة مخالف الإجماع والقاطعين على تقدم الإجماع على النص القاطع عددهم عدد التواتر لا [ كون ] أهل الإجماع ، فلا ينتهض نقضا .




            الخدمات العلمية