أخبرنا الشيخان أبو الفضل عبد الرحيم بن يوسف المزي بقراءة والدي عليه ، وأبو الهيجاء غازي بن أبي الفضل بقراءتي عليه ، قالا : أخبرنا ، أخبرنا ابن طبرزذ ابن الحصين ، أخبرنا ابن غيلان ، أخبرنا ، حدثنا أبو بكر الشافعي محمد بن يونس القرشي ، حدثنا عبد العزيز بن يحيى مولى ، حدثنا العباس بن عبد المطلب محمد بن سليمان بن سليط الأنصاري ، قال : حدثني أبي ، عن أبيه ، عن جده أبي سليط وكان بدريا قال : ، أبو بكر الصديق وعامر بن فهيرة مولى ، أبي بكر وابن أريقط يدلهم على الطريق ، مروا بأم معبد الخزاعية ، وهي لا تعرفهم ، فقال لها : يا ، هل عندك من لبن ؟ قالت : لا والله وإن الغنم لعازبة . قال : فما هذه الشاة التي أرى - لشاة رآها في كفاء البيت - قالت : شاة خلفها الجهد عن الغنم . قال : أتأذنين في حلابها ؟ قالت : لا والله ما ضربها من فحل قط ، فشأنك بها ، فدعا بها ، فمسح ظهرها وضرعها ، ثم دعا بإناء يربض الرهط ، فحلب فيه فملأه ، فسقى أصحابه عللا بعد [ ص: 305 ] نهل ، ثم حلب فيه آخر ، فغادره عندها ، وارتحل ، فلما جاء زوجها عند المساء ، قال : يا أم معبد ! ما هذا اللبن ولا حلوبة في البيت والغنم عازبة ؟ قالت لا والله إلا أنه مر بنا رجل ظاهر الوضاءة ، متبلج الوجه ، في أشفاره وطف ، وفي عينيه دعج ، وفي صوته صحل ، غصن بين الغصنين ، لا تشنؤه من طول ولا تقتحمه من قصر ، لم تعبه ثجلة ، ولم تزره صعلة ، كأن عنقه إبريق فضة ، إذا صمت فعليه البهاء ، وإذا نطق فعليه وقار ، له كلام كخرزات النظم ، أزين أصحابه منظرا ، وأحسنهم وجها ، أصحابه يحفون به ، إذا أمر ابتدروا أمره ، وإذا نهى اتفقوا عند نهايته . قال : هذه والله صفة صاحب أم معبد قريش ، ولو رأيته لاتبعته ، ولأجتهدن أن أفعل .
قال : فلم يعلموا بمكة أين توجه رسول الله صلى الله عليه وسلم ، حتى سمعوا هاتفا على رأس وأبو بكر أبي قبيس ، وهو يقول :
جزى الله خيرا والجزاء بكفه رفيقين حلا خيمتي أم معبد هما رحلا بالحق وانتزلا به
فقد فاز من أمسى رفيق محمد فما حملت من ناقة فوق رحلها
أبر وأوفى ذمة من محمد وأكسى لبرد الخال قبل ابتذاله
وأعطى برأس السابح المتجرد ليهن بني كعب مكان فتاتهم
ومقعدها للمؤمنين بمرصد
جزى الله رب الناس خير جزائه رفيقين حلا خيمتي أم معبد
هما نزلا بالهدى واغتدوا به فأفلح من أمسى رفيق محمد
ليهن بني كعب مكان فتاتهم ومقعدها للمؤمنين بمرصد
وقد روينا حديث هذا متصلا ، من حديث أسماء ، عن أبيه ، عن هشام بن عروة . أخبرناه أسماء عبد الله بن أحمد بن فارس قراءة عليه وأنا أسمع بالقاهرة ، وأبو الفتح يوسف بن يعقوب الشيباني بقراءتي عليه بسفح قاسيون ، قالا : أخبرنا أبو اليمن زيد بن الحسن الكندي ، أخبرنا أبو القاسم هبة الله بن أحمد بن عمر الحريري ، أخبرنا أبو طالب محمد بن علي بن الفتح ، أخبرنا أبو الحسين محمد بن أحمد ، حدثنا عمر بن الحسن بن علي بن مالك الشيباني ، أخبرنا يحيى بن إسماعيل ، حدثنا جعفر بن علي ، حدثنا سيف ، عن ، عن أبيه ، عن هشام بن عروة رضي الله عنهما ، قالت : أسماء ابنة أبي بكر ارتحل النبي صلى الله عليه وسلم فلبثنا أياما ثلاثة أو أربعة ، أو خمس ليال ، لا ندري أين توجه ، ولا يأتينا [ ص: 307 ] عنه خبر ، حتى أقبل رجل من الجن وأبو بكر ، . . . الحديث بنحو ما تقدم .