ذكر القسمة
قال ابن إسحاق: بخيبر جبار بن صخر الأنصاري من بني سلمة، من وزيد بن ثابت بني النجار، وكانا حاسبين قاسمين. وكان المتولي للقسمة
قال وأمر رسول الله صلى الله عليه وسلم بالغنائم فجمعت، واستعمل عليها ابن سعد: فروة بن عمرو البياضي، ثم أمر بذلك فجزئ خمسة أجزاء، وكتب في سهم منها لله، وسائر السهمان أغفال، وكان أول ما خرج سهم النبي صلى الله عليه وسلم، لم يتخير في الأخماس، فأمر ببيع الأربعة الأخماس في من يزيد، فباعها فروة، وقسم ذلك بين أصحابه، وكان الذي ولي إحصاء الناس فأحصاهم ألفا وأربعمائة، والخيل مائتي فرس، وكانت السهمان على ثمانية عشر سهما، لكل مائة سهم، وللخيل أربعمائة سهم، وكان الخمس الذي صار لرسول الله صلى الله عليه وسلم يعطي منه على ما أراه الله من السلاح والكسوة، وأعطى منه أهل بيته، ورجالا من زيد بن ثابت، بني عبد المطلب ونساء، واليتيم، والسائل، وأطعم من الكتيبة نساءه وبني عبد المطلب وغيرهم.
ثم ذكر قدوم الدوسيين والأشعريين، وأصحاب السفينتين، وأخذهم من غنائم خيبر، ولم يبين كيف أخذوا. وإذا كانت القسمة على ألف وثمانمائة سهم، وأهل الحديبية ألفا وأربعمائة، والخيل مائتي فرس بأربعمائة سهم، فما الذي أخذه هؤلاء المذكورون.
[ ص: 192 ] وقال وكانت المقاسم على أموال ابن إسحاق: خيبر على الشق ونطاة والكتيبة، فكانت الشق ونطاة في سهمان المسلمين، وكانت الكتيبة خمس الله، ثم قال: وكانت نطاة والشق ثمانية عشر سهما، نطاة من ذلك خمسة أسهم، والشق ثلاثة عشر سهما، وقسمت الشق ونطاة على ألف وثمانمائة سهم، وكانت عدة الذين قسمت عليهم خيبر ألفا وثمانمائة، رجالهم وخيلهم، الرجال أربع عشرة مائة، والخيل مائتان لكل فرس سهمان.
وهذا أشبه مما تقدم، فإن هذه المواضع الثلاثة مفتوحة بالسيف عنوة من غير صلح. وأما الوطيح والسلالم فقد يكون ذلك هو الذي اصطفاه رسول الله صلى الله عليه وسلم، لما ينوب المسلمين، ويترجح حينئذ قول ومن قال بقوله: أن بعض موسى بن عقبة خيبر كانت صلحا، ويكون أخذ الأشعريين ومن ذكر معهم من ذلك، وتكون مشاورة النبي صلى الله عليه وسلم أهل الحديبية في إعطائهم ليست استنزالا لهم عن شيء من حقهم، وإنما هي المشورة العامة ( وشاورهم في الأمر ) .
وروى البلاذري: حدثنا الحسين بن الأسود ، حدثنا ، عن أبو بكر بن عياش الكلبي ، عن ، عن أبي صالح قال: قسمت ابن عباس، خيبر على ألف وخمسمائة سهم وثمانين سهما، وكانوا ألفا وخمسمائة وثمانين رجلا، الذين شهدوا الحديبية منهم ألف وخمسمائة وأربعون، والذين كانوا مع بأرض جعفر بن أبي طالب الحبشة أربعون رجلا.
ليس في هذا الخبر مع ضعفه ذكر للخيل، وفيه أن أصحاب السفينتين كانوا أربعين، وقد ذكر ذلك، غير أن المشهور الذي ذكره أن أصحاب السفينتين كانوا ستة عشر رجلا، وأن قوما منهم قدموا قبل ذلك بنحو سنتين من ابن إسحاق الحبشة، وليس لهم مدخل في هذا، ومجموعهم نحو من ثمانية وثلاثين رجلا. وإن كان المراد أصحاب السفينتين ومن أخذ معهم من الدوسيين والأشعريين فقد يحتمل.
وأما قول أبي عمر: قسم جميع أرضها بين الغانمين. فقد حكينا عن [ ص: 193 ] ما قسم منها. وقد روينا عن ابن إسحاق حدثنا أبي داود: ، حدثنا هشام بن عمار ، حدثنا حاتم بن إسماعيل سليمان بن داود المهري ، حدثنا أخبرني ابن وهب، عبد العزيز محمد (ح) وحدثنا أخبرنا نصر بن علي، وهذا لفظ حديثه، كلهم عن صفوان بن عيسى، ، عن أسامة بن زيد ، عن الزهري قال: مالك بن أوس بن الحدثان، عمر رضي الله عنه، أنه قال: كانت لرسول الله صلى الله عليه وسلم ثلاث صفايا: بنو النضير، وخيبر، وفدك. فأما بنو النضير فكانت حبسا لنوائبه، وأما فدك فكانت حبسا لأبناء السبيل، وأما خيبر فجزأها رسول الله صلى الله عليه وسلم ثلاثة أجزاء، جزأين بين المسلمين، وجزءا نفقة لأهله، وما فضل عن نفقة أهله جعله بين فقراء المهاجرين كان فيما احتج به .
وأما حديث ، بشير بن يسار فبشير بن يسار تابعي ثقة، يروي عن وغيره، ويروي عن هذا الخبر أنس بن مالك ويختلف عليه فيه، فبعض أصحاب يحيى بن سعيد، يحيى يقول فيه: عن بشير ، عن سهل بن أبي حثمة. وبعضهم يقول إنه سمع نفرا من أصحاب النبي صلى الله عليه وسلم، وبعضهم يقول: عن رجال من أصحاب النبي صلى الله عليه وسلم، ومنهم من يرسله. وروينا من طريق حدثنا أبي داود: حسين بن علي الأسود، أن حدثهم، عن يحيى بن آدم ، عن أبي شهاب ، عن يحيى بن سعيد أنه سمع نفرا من أصحاب النبي صلى الله عليه وسلم قالوا. فذكر الحديث. قال: فكان النصف سهام المسلمين وسهم رسول الله صلى الله عليه وسلم، وعزل النصف للمسلمين لما ينوبه من الأمور والنوائب. ورواية بشير بن يسار; ، عن محمد بن فضيل: يحيى، عنه، خيبر قسمها على ستة وثلاثين سهما، جمع كل سهم مائة سهم، فكان لرسول الله صلى الله عليه وسلم وللمسلمين النصف من ذلك، وعزل النصف الباقي لمن ينزل به من الوفود والأمور ونوائب الناس. فهذه الرواية والتي قبلها مصرحة بأن النصف للنبي صلى الله عليه وسلم وللمسلمين المقسوم عليهم، والنصف [ ص: 194 ] الباقي هو المدخر لنوائب المسلمين. وأصرح منها رواية عن رجال من أصحاب النبي صلى الله عليه وسلم، أن رسول الله صلى الله عليه وسلم لما ظهر على ، عن سليمان بن بلال يحيى ، عن بشير، المرسلة; أنه عليه الصلاة والسلام قسمها ستة وثلاثين سهما، فعزل للمسلمين الشطر ثمانية عشر سهما، يجمع كل سهم مائة سهم، النبي صلى الله عليه وسلم معهم، له سهم كسهم أحدهم، وعزل رسول الله صلى الله عليه وسلم ثمانية عشر سهما، وهو الشطر لنوائبه وما ينزل به من أمور المسلمين، فكان ذلك الوطيح والكتيبة والسلالم وتوابعها.. الحديث. فقد تضمن هذا أن المدخر للنوائب الذي لم يقسم بين الغانمين هو الوطيح والسلالم الذي لم يجر لهما في العنوة ذكر صريح، والكتيبة هي التي كان بعضها صلحا وبعضها عنوة، وقد يكون غلب حكم الصلح فلذلك لم يقسم فيما قسم. فلم يبق لتأويل أبي عمر رحمه الله وجه، ونص الخبر يعارضه، والله أعلم.
ودفعها رسول الله صلى الله عليه وسلم لأهلها بشطر ما يخرج منها فلم تزل كذلك إلى أثناء خلافة عمر.
قرأت على غازي بن أبي الفضل، أخبركم حنبل بن عبد الله، قال: أخبرنا ابن الحصين ، أخبرنا ابن المذهب، أخبرنا أخبرنا القطيعي، ، حدثنا عبد الله بن أحمد أبي ، حدثنا يحيى ، عن ، عن عبيد الله نافع، أن رسول الله صلى الله عليه وسلم عامل أهل ابن عمر، خيبر بشطر ما يخرج منها من ثمر أو زرع. عن
وقتل من اليهود ثلاثة وتسعون رجلا، واستشهد من المسلمين خمسة عشر رجلا فيما ذكر وزاد غيره عليه، وسيأتي ذكرهم، ابن سعد، ومنهم الأسود الراعي، وكان من خبره أنه أتى رسول الله صلى الله عليه وسلم وهو محاصر لبعض حصون خيبر، ومعه غنم كان فيها أجيرا لرجل من يهود، فقال: يا رسول الله اعرض علي الإسلام. فعرضه عليه، فأسلم. وكان رسول الله صلى الله عليه وسلم لا يحقر أحدا أن يدعوه إلى الإسلام، ويعرضه عليه، فلما أسلم، قال: يا رسول الله إني كنت أجيرا لصاحب هذا الغنم، وهي أمانة عندي، فكيف أصنع بها؟ قال: اضرب في [ ص: 195 ] وجهها فإنها سترجع إلى ربها، أو كما قال. فقام الأسود، فأخذ حفنة من الحصباء، فرمى بها في وجوهها، وقال: ارجعي إلى صاحبك، فوالله لا أصحبك، وخرجت مجتمعة، كأن سائقا يسوقها حتى دخلت الحصن، ثم تقدم إلى ذلك الحصن، فقاتل مع المسلمين، فأصابه حجر فقتله، فأتي به إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم، فوضع خلفه، وسجي بشملة كانت عليه، فالتفت إليه رسول الله صلى الله عليه وسلم ومعه نفر من أصحابه، ثم أعرض عنه، فقالوا: يا رسول الله لم أعرضت عنه؟ قال: "إن معه الآن زوجتيه من الحور العين ينفضان التراب عن وجهه، ويقولان: ترب الله وجه من ترب وجهك وقتل من قتلك.
وروينا من طريق حدثنا البخاري: المكي بن إبراهيم ، حدثنا قال: يزيد بن أبي عبيد، سلمة. فقلت: يا أبا مسلم ما هذه الضربة؟ قال: هذه ضربة أصابتني يوم خيبر، فقال الناس أصيب سلمة، فأتيت إلى النبي صلى الله عليه وسلم، فنفث فيه ثلاث نفثات، فما اشتكيتها حتى الساعة رأيت أثر ضربة في ساق .