مسألة : - ( الرابع : تغطية الرأس والأذنان منه ) :
وجملة ذلك : أن - حرام بإجماع المسلمين ؛ والأصل في ذلك قول الرسول - صلى الله عليه وسلم - " تغطية الرأس - على المحرم " وقوله - صلى الله عليه وسلم - في المحرم الذي وقصته راحلته - : " ولا يلبس العمامة ولا البرنس " متفق عليه . فمنع من تخمير رأسه بعد الموت لبقاء الإحرام عليه . فعلم أن من حكم المحرم أن لا يخمر رأسه . وهذا من العلم العام الذي تناقلته الأمة خلفا عن سلف . اغسلوه بماء وسدر وكفنوه في ثوبين ولا تخمروا رأسه ولا تقربوه طيبا ، فإنه يبعث يوم القيامة ملبيا
[ ص: 52 ] وقد روي عن الحسن بن محمد قال : "أبصر - رضي الله عنه - قوما عمر بن الخطاب بعرفة عليهم القمص والعمائم ، فأمر أن تعاد عليهم الجزية " .
وعن عون قال : أبصر قوما عمر بن الخطاب بعرفة عليهم القمص والعمائم فقال : "إن علموا فعاقبوهم ، وإن كانوا جهالا فعلموهم " .
والأذنان من الرأس - لما تقدم في الطهارة - وعليه أن يكشف من حدود الوجه والسالفة ما لا ينكشف الرأس إلا به .
فأما الوجه : ففيه ثلاث روايات : إحداهن : له أن يغطي وجهه ، قال - في رواية - : يغطي وجهه وحاجبيه ، وسئل في رواية أبي داود حنبل عن قال : لا بأس بذلك . المحرم يغطي وجهه
وقال - أيضا - في رواية ابن مشيش في محرم مات يغطى وجهه ولا يغطى رأسه ، وقال مهنا : سألت أحمد عن ؟ قال : قد اختلفوا فيه عن المحرم يموت ؛ هل يغطى وجهه عن النبي - صلى الله عليه وسلم - فقال بعضهم : لا يغطى رأسه ، قلت : أيهما أعجب إليك يغطى وجه المحرم إذا مات أو لا يغطى قال : أما الرأس فلا أرى أن يغطوه وأما الوجه : فأرجو أن لا يكون به بأس . ابن عباس
[ ص: 53 ] وقال أبو الحارث : قلت له : تذهب إلى أن يخمر وجهه ويكشف رأسه ؟ قال : نعم على ما جاء عن عن النبي - صلى الله عليه وسلم - وهو أصح من غيره وهو اختيار القاضي وأصحابه . قال ابن عباس الخلال : لعل أبا عبد الله صوب القول قديما ، فذهب إلى ما حكاه إسماعيل بن سعيد ، ثم ذهب بعد ذلك إلى ما روى مهنا والجميع عنه : أنه لا يخمر رأسه ، ويخمر وجهه .
والثانية : لا يغطى وجهه ؛ قال في رواية ابن منصور وإسماعيل بن سعيد الشالنجي : والمحرم يموت لا يغطى رأسه ولا وجهه ، وذلك لما روى : ابن عباس " رواه الجماعة إلا أن رجلا أوقصته راحلته - وهو محرم - فمات ، فقال رسول الله - صلى الله عليه وسلم - : "اغسلوه بماء وسدر وكفنوه في ثوبين ولا تخمروا وجهه ، ولا رأسه فإنه يبعث يوم القيامة ملبيا البخاري وأبا داود . والترمذي
وفي الصحيحين عن أنه قال : "إذا مات المحرم لم يغط وجهه [ ص: 54 ] حتى يلقى الله محرما " رواه ابن عباس أحمد في رواية ابنه عبد الله .
والثالثة : قال - في رواية أبي طالب - : "يخمر أسفل من الأنف ووضع يديه على فمه دون أنفه يغطيه من الغبار " وفي لفظ قال : إحرام الرجل في رأسه ووجهه ، ولا يغطى رأسه ، ومن نام فوجد رأسه مغطى فلا بأس . والأذنان من الرأس يخمر أسفل من الأذنين ، وأسفل الأنف ، والنبي - صلى الله عليه وسلم - قال : " " فأذهب إلى قول النبي - صلى الله عليه وسلم - قال : لا تخمروا رأسه ، وتسدل الثوب على رأسها من فوق ، وتلبس من خزها وقزها ومعصفرها وحليها في إحرامها مثل قول وإحرام المرأة في وجهها لا تنتقب ولا تتبرقع . وذلك لأن حد الرأس الأذنان والسالفة فيكشف ما يحاذيه من الأنف وما علاه . وما دون ذلك فيغطيه إن شاء ؛ لأنه خارج عن حد الرأس . عائشة
وسواء غطى الرأس بما صنع على قدره من عمامة وقلنسوة وكلته ونحو ذلك أو بغير ذلك ، مثل خرقة ، أو عصابة ، أو ورقة ، أو خرقة فيها دواء ، أو ليس [ ص: 55 ] فيها دواء ، وكذلك إن خضب رأسه بحناء أو طينه ، إلا أن يحتاج إلى شيء من ذلك فيفعله ويفتدي .
وسواء كان الغطاء غليظا أو رقيقا ، فأما . . . .
وأيضا ما روي عن الفرافصة قال : رأيت عثمان وزيدا وابن الزبير يغطون وجوههم وهم محرمون إلى قصاص الشعر .
وعن عائشة بنت سعد قالت : كان أبي يأمر الرجال أن يخمروا وجوههم وهم حرم ، وينهى النساء .
وعن أبي الزبير عن جابر قال : "ليغشى وجهه بثوبه وأهوى إلى شعر رأسه ، وأشار أبو الزبير بثوبه إلى رأسه " .
وعن عن عطاء قال : "المحرم يغطي وجهه ما دون الحاجب " . ابن عباس
[ ص: 56 ]