الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
صفحة جزء
( فصل )

فأما اشتمام الطيب من غير أن يتصل ببدنه ولا بثوبه ؛ إما بأن يقرب إليه حتى يجد ريحه ، أو يتقرب هو إلى موضعه حتى يجد ريحه ، فلا يجوز في ظاهر المذهب المنصوص ، وفيه الفدية ، قال - في رواية أحمد بن مضر القاسم - في المحرم يشم الطيب عليه الكفارة .

وقال أيضا في رواية ابن القاسم في الرجل يحمل معه الطيب وهو محرم : كيف يجوز هذا ؟ ! وعطاء يقول : إن تعمد شمه فعليه الفدية ، قيل له : يحمله للتجارة ؟ فقال : لا يصلح إلا أن يكون مما لا ريح له .

وقال - في رواية حرب - : أما الطيب فلا يقربه ، والريحان ليس هو مثل الطيب . وهذا لأن المقصود من التطيب وجود رائحة الطيب ، فإذا تعمد الشم : فقد أتى بمقصود المحظور ، بل اشتمامه للطيب أبلغ في الاستمتاع والترفه من حمل طيب لا يجد ريحه بأن يكون ميتا أو نائما ، أو أخشم .

ولأن الصحابة - رضوان الله عليهم - اختلفوا في شم المحرم الريحان [ ص: 89 ] فمن جعله طيبا منعه ، ومن لم يجعله طيبا لم يمنعه . ولولا أن الشم المجرد يحرم امتنعت هذه المسألة ؛ لأن الرياحين لا يتطيب بها ، فعلى هذا إن تعمد شم المسك والعنبر ونحوها من غير مس فعليه الكفارة ، وإن جلس عند العطارين قصدا لشم طيبهم ، أو دخل الكعبة وقت تخليقها ليشم طيبها لزمته الكفارة ، وإن ذهب لغير اشتمام فوجد الريح من غير قصد لم يمنع من ذلك كما لو سمع الباطل من غير أن يقصد سماعه ، أو رأى المحرم من غير أن يقصد الرؤية ، أو مس حكيم امرأة من غير أن يقصد مسها ، وغير ذلك من إدراكات الحواس بدون العمد والقصد ، فإنه لا يحرم .

فإن علم أنه يجد ريح الطيب ولم يقصد الشم : فهل له أن يقعد أو يذهب ؟ . . . وقال ابن حامد : لا فدية في الشم ، ولا في القعود عند العطارين ، أو عند الكعبة وهي تطيب ؛ لأنه لا يسمى بذلك متطيبا .

وقال ابن عقيل : الرائحة . . . .

[ ص: 90 ] وليس له أن يستصحب ما يجد ريحه لتجارة ولا غيرها ، وإن لم يقصد شمه على المنصوص سواء كان في أعداله ، أو محمله ونحو ذلك ، بل إن كان معه شيء من ذلك : فعليه أن يستره بحيث لا يجد ريحه ، فإن استصحبه ووجد ريحه من غير قصد فهل عليه كفارة ؟. . . .

فأما ما لا يقصد شمه كالعود إذا شمه أو قلبه ونحو ذلك : فلا شيء عليه عند أصحابنا . وينبغي إذا وجد الرائحة . . . .

التالي السابق


الخدمات العلمية