الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
صفحة جزء
( فصل )

وأما كون الطواف بالصفا والمروة سبعا وأن يحسب بالذهاب مرة وبالعود مرة ، فيفتتح بالصفا ويختم به ; فيكون وقوفه على الصفا أربع مرات ، وعلى المروة أربعا فهي سنة رسول الله - صلى الله عليه وسلم - المنقولة نقلا عاما مستفيضا ، كما تقدم أنه طاف سبعا ختم بالمروة ، وعليها كان التقصير والإحلال ، وعندها أمر أصحابه بالإحلال من إحرامهم .

وأما صفة السعي بين الصفا والمروة ، ففي حديث جابر عن النبي - صلى الله عليه وسلم - : " ثم نزل - يعني - من الصفا حتى إذا انصبت قدماه في بطن الوادي رمل حتى إذا صعدنا مشى حتى أتى المروة ففعل على المروة كما فعل على الصفا ، حتى إذا كان آخر طواف على المروة " . رواه مسلم وغيره .

وفي رواية للنسائي : " ثم نزل ماشيا حتى تصوبت قدماه في المسيل ، فسعى حتى صعدت قدماه ثم مشى حتى أتى المروة فصعد فيها ، ثم بدا له البيت " .

وتقدم حديث ابن عمر : " أن النبي - صلى الله عليه وسلم - كان إذا طاف بالبيت الطواف الأول خب ثلاثا ومشى أربعا ، وكان يسعى ببطن المسيل إذا طاف بين الصفا والمروة " . متفق عليه ، ولفظ البخاري : " بطن المسيل " .

وعن علي " أنه رأى النبي - صلى الله عليه وسلم - يسعى بين الصفا والمروة في المسعى كاشفا عن ثوبه قد بلغ إلى ركبتيه " رواه أحمد .

[ ص: 464 ] وعن صفية بنت شيبة ... وذكر أصحابنا القاضي ومن بعده : أنه يسعى ببطن المسيل سعيا شديدا ، ولفظ أحمد : وامش حتى تأتي العلم الذي في بطن الوادي فارمل من العلم إلى العلم ، وكذلك قال الأثرم : يسعى بين الميلين الأخضرين أشد من الرمل قليلا ، ويقول في رمله : رب اغفر وارحم إنك أنت الأعز الأكرم .

وقد حدد الناس بطن الوادي الذي كان النبي - صلى الله عليه وسلم - يسعى فيه بأن نصبوا في أوله وآخره أعلاما ، وتسمى أميالا ، ويسمى واحدها : الميل الأخضر ; لأنهم ربما لطخوه بلون خضرة ليتميز لونه للساعي ، وربما لطخوه بحمرة .

فأول المسعى حد الميل المعلق بركن المسجد ، هكذا ذكر كثير من المصنفين ، وآخره الميلان المتقابلان ; أحدهما : بفناء المسجد بحيال دار العباس ، هكذا في كثير من الكتب المصنفة ; لأنه كذلك في ذلك الوقت .

[ ص: 465 ] واليوم : هي أربعة أميال ; ميلان متقابلان أحمران ، أو أخضران عليهما كتابة ، ثم ميلان أخضران ، والدار المذكورة هي اليوم خربة ; لكن الأعلام ظاهرة معلقة لا يدرس علمها .

وقد ذكر القاضي وأبو الخطاب وجماعة من أصحابنا : أن أول المسعى من ناحية الصفا قبل أن يصل إلى الميل بنحو من ستة أذرع ، وآخره محاذاة الميلين الآخرين ، ولفظ أحمد : ارمل من العلم إلى العلم كما ذكره الشيخ ، وهكذا ذكر ... .

التالي السابق


الخدمات العلمية