مسألة : ( ويكثر من قول : لا إله إلا الله وحده لا شريك له ، له الملك وله الحمد بيده الخير وهو على كل شيء قدير ، ويجتهد في الدعاء والرغبة إلى الله عز وجل إلى غروب الشمس )
وجملة ذلك : أن هذا الموقف مشهد عظيم ويوم كريم ليس في الدنيا مشهد أعظم منه ، روت أن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - قال : " عائشة عرفة ، وإنه ليدنو يباهي بهم الملائكة ، ويقول : ما أراد هؤلاء ما من يوم أكثر من أن يعتق الله فيه عبدا من النار من يوم " . رواه مسلم ، ، والنسائي . ولفظه " عبدا أو أمة " . وابن ماجه
[ ص: 505 ] وروى من حديث ابن أبي الدنيا أبي نعيم ، عن مسروق مولى طلحة بن عبد الله الباهلي ، عن أبي الزبير ، عن جابر قال : قال رسول الله - صلى الله عليه وسلم - : " عرفة " . إذا كان ينزل الله سبحانه وتعالى إلى السماء الدنيا فيباهي بكم الملائكة ; فيقول : انظروا إلى عبادي أتوني شعثا غبرا من كل فج عميق ، أشهدكم أني قد غفرت لهم ، فتقول الملائكة : فيهم فلان بن فلان ، فقال رسول الله - صلى الله عليه وسلم - : فما من يوم أكثر عتقا من يوم
وعن طلحة بن عبيد الله بن كريز : أن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - قال : " عرفة ، وما [ ص: 506 ] ذاك إلا لما يرى من تنزل الرحمة ، وتجاوز الله عن الذنوب العظام ، إلا ما أري يوم ما رئي الشيطان يوما هو أصغر ولا أدحر ولا أحقر ولا أغيظ منه في يوم بدر ، قيل : وما رأى يوم بدر ؟ قال : أما إنه قد رأى جبريل وهو يزع الملائكة " . رواه مالك ، وهو مرسل . وابن أبي الدنيا
وفي مثل هذا اليوم ، وهذا المكان أنزل الله سبحانه : ( اليوم أكملت لكم دينكم ) فروى عن طارق بن شهاب : " أن رجلا من عمر بن الخطاب اليهود قال له : يا أمير المؤمنين ، آية في كتابكم تقرءونها لو علينا أنزلت لاتخذنا ذلك اليوم عيدا ، قال : أي آية ؟ قال : ( اليوم أكملت لكم دينكم وأتممت عليكم نعمتي ورضيت لكم الإسلام دينا ) فقال عمر : قد عرفنا ذلك اليوم وذلك المكان الذي نزلت فيه على النبي - صلى الله عليه وسلم - ، وهو قائم بعرفة يوم الجمعة " . رواه الجماعة إلا ، أبا داود . وابن ماجه
وأما فيه : فليس فيه عن النبي - صلى الله عليه وسلم - شيء مؤقت إلا أن أصحابنا قد استحبوا المأثور عنه في الجملة ; وهو ما روى توقيت الدعاء [ ص: 507 ] عن أبيه عن جده قال : " عمرو بن شعيب عرفة : لا إله إلا الله وحده لا شريك له ، له الملك وله الحمد بيده الخير وهو على كل شيء قدير دعاء النبي - صلى الله عليه وسلم - يوم " . رواه كان أكثر أحمد ، وهذا لفظه .
ورواه ولفظه : " الترمذي عرفة ، وخير ما قلت أنا والنبيون من قبلي : لا إله إلا الله وحده لا شريك له ، له الملك وله الحمد وهو على كل شيء قدير " قال أن النبي - صلى الله عليه وسلم - قال : خير الدعاء دعاء يوم : حديث غريب من هذا الوجه . الترمذي
وعن علي قال : قال رسول الله - صلى الله عليه وسلم - : " أفضل ما قلت أنا والأنبياء قبلي عشية عرفة : لا إله إلا الله وحده لا شريك له ، له الملك وله الحمد وهو على كل شيء قدير " . رواه في مناسكه من رواية الطبراني . قيس بن الربيع
[ ص: 508 ] وعن طلحة بن عبيد الله بن كريز قال : قال رسول الله - صلى الله عليه وسلم - : " عرفة ، وأفضل ما قلت أنا والنبيون من قبلي : لا إله إلا الله وحده لا شريك له ، له الملك دعاء يوم " رواه أفضل الدعاء مالك .
واستحبوا أيضا ما روي عن قال : " علي بن أبي طالب عرفة في الموقف : اللهم لك الحمد كالذي نقول وخير مما نقول ، اللهم لك صلاتي ومحياي ومماتي ، وإليك مآبي ولك تراثي ، اللهم إني أعوذ بك من عذاب القبر ووسوسة الصدر وشتات الأمر ، اللهم إني أعوذ بك من شر ما تجري به الريح " . رواه أكثر ما دعا به رسول الله - صلى الله عليه وسلم - عشية ، وقال : حديث غريب من هذا الوجه ، وليس إسناده بالقوي . الترمذي
وقد روي عن قال : " ابن عباس " . رواه كان مما دعا به رسول الله - صلى الله عليه وسلم - في حجة الوداع : اللهم إنك تسمع كلامي ، وترى مكاني ، وتعلم سري وعلانيتي ، لا يخفى عليك شيء من أمري ، أنا البائس الفقير المستغيث المستجير ، الوجل المشفق ، المقر المعترف بذنوبه ، أسألك مسألة المسكين ، وأبتهل إليك ابتهال المذنب ، وأدعوك دعاء الخائف الضرير ، من خضعت لك رقبته ، وفاضت لك عيناه ، وذل جسده ، ورغم أنفه لك ، اللهم لا تجعلني بدعائك شقيا ، وكن بي رءوفا رحيما ، يا خير المسئولين ، ويا خير المعطين في معجمه . الطبراني
[ ص: 509 ] وقد تقدم عن أنه كان يدعو ابن عمر بعرفات بمثل دعائه على الصفا ، وقد تقدم .
وعن : " أن عبد الله بن الحارث كان يرفع صوته عشية ابن عمر عرفة : لا إله إلا الله وحده لا شريك له ، له الملك وله الحمد وهو على كل شيء قدير ، اللهم اهدنا بالهدى ، وزينا بالتقى ، واغفر لنا في الآخرة والأولى ، ثم يخفض صوته ، ثم يقول : اللهم إني أسألك من فضلك وعطائك رزقا طيبا مباركا ، اللهم إنك أمرت بالدعاء ، وقضيت على نفسك بالإجابة ، وإنك لا تخلف وعدك ، ولا تكذب عهدك ، اللهم ما أحببت من خير فحببه إلينا ويسره لنا ، وما كرهت من شر ، فكرهه إلينا وجنبناه ، ولا تنزع منا الإسلام بعد إذ أعطيتنا " . رواه في المناسك بإسناد جيد . الطبراني
وقال أبو عبد الله - في رواية أبي الحارث : يصلي مع الإمام الظهر والعصر بعرفة ، ثم يمضي إلى مر ... ، ثم يدعو ويرفع يديه .
وكان يقول : " الله أكبر الله أكبر الحمد لله كثيرا ، اللهم اهدني بالهدى ، واغفر لي في الآخرة والأولى " ، ثم يردد ذلك كقدر ما يقرأ فاتحة الكتاب ، وذكره بإسناد ، وروى ذلك أيضا بهذا الإسناد في رواية ابن عمر عبد الله ، ثنا إسماعيل بن إبراهيم ، ثنا سليمان التميمي عن أبي مجلز قال : كان [ ص: 510 ] يقول : الله أكبر ولله الحمد ، الله أكبر ولله الحمد ، الله أكبر ولله الحمد ، لا إله إلا الله وحده لا شريك له ، له الملك وله الحمد ، اللهم اهدني بالهدى وقني بالتقوى ، واغفر لي في الآخرة والأولى ، ثم يرد يديه فيسكت كقدر ما كان إنسان قارئا بفاتحة الكتاب ، ثم يعود فيرفع يديه ، ويقول مثل ذلك ، فلم يزل يفعل ذلك حتى أفاض ... . ابن عمر
قال أحمد - في رواية عبد الله - يقف ويدعو ويرفع يديه ; لما روى قال : " أسامة بن زيد بعرفات فرفع يديه يدعو ، فمالت به ناقته فسقط خطامها ، فتناول الخطام بإحدى يديه ، وهو رافع يده الأخرى " . رواه كنت رديف النبي - صلى الله عليه وسلم - أحمد . والنسائي
وعن سليمان بن موسى قال : " لم يحفظ من رسول الله - صلى الله عليه وسلم - أنه رفع يديه الرفع كله إلا في ثلاث مواطن : الاستسقاء ، والاستغفار ، وعشية عرفة ، ثم كان بعد رفع دون رفع " . رواه في مراسيله . أبو داود
[ ص: 511 ] وعن أبي سعيد ... .