مسألة : ( ثم يسعى بين الصفا والمروة  إن كان متمتعا  ، أو ممن لم يسع مع طواف القدوم ) . 
لما روى  ابن عباس  قال : " فلما قدمنا مكة  قال رسول الله - صلى الله عليه وسلم - : " اجعلوا إهلالكم بالحج عمرة إلا من قلد الهدي ، فطفنا بالبيت وبالصفا والمروة  ، وأتينا النساء ولبسنا الثياب ، وقال : من قلد الهدي فإنه لا يحل له حتى يبلغ الهدي محله ، ثم أمرنا عشية التروية أن نهل بالحج ، وإذا فرغنا من المناسك جئنا طفنا بالبيت وبالصفا والمروة  ، فقدتم حجنا ، وعلينا الهدي   - وذكر الحديث " رواه  البخاري    . 
وعن عروة  عن  عائشة  قالت : " خرجنا مع رسول الله - صلى الله عليه وسلم - في حجة الوداع ، فأهللنا بعمرة ثم قال : من كان معه هدي فليهل بالحج والعمرة ، ثم لا يحل منهما ، فقدمت مكة  وأنا حائض ، فلما قضينا حجنا أرسلني مع  عبد الرحمن بن   [ ص: 548 ] أبي بكر  إلى التنعيم  فاعتمرت ، فقال : هذه مكان عمرتك ، فطاف الذين أهلوا بالعمرة ثم حلوا ، ثم طافوا طوافا آخر بعد أن رجعوا من منى  ، والذين جمعوا بين الحج والعمرة طافوا طوافا واحدا " متفق عليه ، وفي لفظ مسلم    :   " فطاف الذين أهلوا بالعمرة بالبيت وبين الصفا والمروة  ، ثم حلوا ، ثم طافوا طوافا واحدا "   . 
وهذا يدل على أن المتمتعين طافوا بالبيت وبين الصفا والمروة  مرتين قبل التعريف وبعده ; لأنها إنما عنت بقولها : " ثم طافوا طوافا آخر " الطواف بالبيت وبين الصفا والمروة    ; لأنه هو المتقدم ذكره ؛ ولأن الذين جمعوا الحج والعمرة إنما اقتصروا على طواف واحد بالبيت وبين الصفا والمروة  ، فأما الطواف المفرد فقد فعلوه بعد عرفة بدليل أن النبي - صلى الله عليه وسلم - طاف بعد الإفاضة ، وكان قد جمع بين العمرة والحج ، وهذا كما في حديث  ابن عمر    : " أنه أوجب عمرة ثم قال : ما شأن الحج والعمرة إلا واحدا ، أشهدكم أني قد جمعت حجة مع عمرتي ، وأهدى هديا مقلدا اشتراه بقديد ، وانطلق حتى قدم مكة  ، فطاف بالبيت وبالصفا  ولم يزد على ذلك ، ولم يحلل من شيء حرم منه حتى يوم النحر ، فحلق ونحر ، ورأى أنه قد قضى طواف الحج والعمرة بطوافه الأول ، ثم قال : هكذا صنع رسول الله - صلى الله عليه وسلم - " متفق عليه . 
فمعنى قوله : " قضى طواف الحج والعمرة بطوافه الأول ، أنه قضى الطواف بالبيت وبالصفا والمروة  يعني : لم يطف بالبيت وبالصفا والمروة  مرتين ، ولم يرد أنه لم يطف بالبيت بعد الإفاضة ; لأن النبي - صلى الله عليه وسلم - طاف بالبيت وبالصفا والمروة  ثم طاف بالبيت بعد عرفة    . 
ولأن طواف الإفاضة لا بد منه بإجماع المسلمين ، وإنما ذكرت هذه الأحاديث بيانا ؛ لأن القارن يجزئه طواف واحد بالبيت وبالصفا والمروة  لحجه وعمرته . 
 [ ص: 549 ] إلا أن يكون أريد بهذين الحديثين أن القارن يجزئه طوافه بالبيت وبالصفا والمروة  قبل التعريف ، فيجزئ طواف القدوم عن الركن ، وهذا لم يقله . . . . 
فإن قيل : فقد قال جابر    : " لم يطف النبي - صلى الله عليه وسلم - ولا أصحابه بين الصفا والمروة  إلا طوافا واحدا ، طوافه الأول " رواه أحمد   ومسلم   وأبو داود   والنسائي    . 
وفي رواية عن  جابر بن عبد الله  قال :   " خرجنا مع رسول الله - صلى الله عليه وسلم - مهلين بالحج مع النساء والولدان ، فلما قدمنا مكة  طفنا بالبيت وبالصفا والمروة  ، فقال رسول الله - صلى الله عليه وسلم - : من لم يكن معه هدي فليحلل ، قال : فقلنا : أي الحل ؟ قال : الحل كله ، فأتينا النساء ، ولبسنا الثياب ، ومسسنا الطيب ، فلما كان يوم التروية أهللنا بالحج ، وكفانا الطواف الأول بين الصفا والمروة    " رواه مسلم   وأبو داود    . 
وهذا نص في أن المتمتع لا يطوف بالصفا والمروة  إلا طوافا واحدا  كالقارن والمفرد ، وقد روى أحمد  ، عن  الوليد بن مسلم  ، عن  الأوزاعي  ، عن  عطاء  ، عن   [ ص: 550 ]  ابن عباس  أنه كان يقول : " المفرد والقارن والمتمتع يجزئه طوافه بالبيت وسعي بين الصفا والمروة    "   . . . . 
 
				 
				
 
						 
						

 
					 
					