3- الممارسات العدائية:
تجـد الانطبـاعات السابقة انعكاساتـها في العديد من الممارسات، التي تعبر عن طبيـعـة مسـار التـفـاعـل بين الطـرفين. يبـدو بعـضها في ممارسـات غربية تجاه الإسـلام، ويبـدو بعضـها الآخـر في بعض ممارسات الحركات الإسلامية المتشددة، ولابد من الإشارة إلى بعض الأمثلة في هذا الخصوص. [ ص: 86 ]
- الممارسات الغربية تجاه الإسلام:
شهدت الألفية الثالثة أنماطا سلوكية تؤكد كراهية الغرب للإسلام عموما، كما أن تكرارها في العديد من البلاد الغربية أثار الجدل حول ما إذا كانت مجرد تصرفات فردية لا تقرها المجتمعات هناك. ونحن هنا نكتفي بالإشارة إلى أبرزها.
- مهاجمة رموز الإسلام:
لقد شهدت السنـوات الماضية أحداثا عديدة فيها مساس مباشر بالإسلام كالاعتداء على القرآن الكريم بأكثر من طريقة. وكلنا نتذكر كتاب سلمان رشدي "آيات شيطانية". وكذلك التهجم على رسولنا محمد صلى الله عليه وسلم بأشكال متعـددة أيضـا، فضـلا عن المنـابر الإعـلاميـة من فضائيات ومواقـع إلكتـرونية، التي تنفق الـكثير من المال والوقت في مهاجمة رموز الإسلام ودعاته.
وعندما اقترحت منظمة المؤتمر الإسلامي عام 2008م على الدول الغربية في مجلس حقوق الإنسان اعتبار مهاجمة الأديان وتشويه الرموز الدينية شكلا من أشكال التمييز العنصري، كان الرد بأن هذه المسألة تدخل في باب حرية التعبير عن الرأي. وذلك في سياق التمييز بين مفهوم انتقاد الأديان ومفهوم الحث على الكراهية الدينية على أساس أن هذا الأخير هو فقط، الذي يدخل في باب التمييز العنصري. [ ص: 87 ]
- القيام بأعمال التنصير في البلاد الإسلامية:
إن عمليات التنصـير تجري على قدم وساق، وهي تأتي في سياق تنفيذ بنود مؤتمر "كلورادو" عام 1979م، حيث تقرر فيـه تنصـير المسلمـين عـلى مستـوى العـالم، ورصـدت لذلك أمـوال كثيرة. وقـد بدا اهتمـام البابا شخصيا بـهذه العمـلية من خـلال قيامـه بتعميد مسـلم مغمـور اعتنـق المسيحيـة. بينما لم يحتفل شيخ الأزهر بإسلام "رجا جارودي Raja Jaroudi" و"مراد هوفمان Murad Hofmann" وهما شخصيتان بارزتان عالميا.
وكانت حملات التنصير تتركز في العصر الحديث في أطراف العالم الإسلامي والمناطق النائية في شرق وجنوب شرق آسيا، ووسط أفريقيا والمناطق الاستوائية. غير أنها أخذت مؤخرا تتغلغل في قلب هذا العالم، ففي العراق وصل عدد منظمات التنصير حتى منتصف عام 2008 م أكثر من مائة منظمة. ووصلت إلى نحو خمسمائة منظمة في السودان قبل انفصال الجنوب. وقد اعتمدت في ذلك على ما تقدمه من خدمات اجتماعية، كالمعونات الاقتصادية والخدمات الطبية، والرعاية في دور الأيتام ودور المسنين، وتأسيس المدارس بمراحلها المختلفة
[1] . [ ص: 88 ]
- ممارسات الحركات الإسلامية المتشددة:
لقد أظهرت بعض الحركات الإسلامية، كرد فعل، عنفا شديدا إزاء مصالح الغرب في مناطق مختلفة من العالم وفي بلاد الغرب بصورة خاصة. وبدا ذلك واضحا في الهجمات على برج التجـارة العالمية في الولايات المتحـدة، وفي دول عـدة في أوروبا، فضلا عن العديد من العمليات في آسيا وأفريقيا.
إن عـداء الحـركات الاسلامية المتشددة للغرب وعنفها تجاه دوله، يرتبط بعوامل عديدة، في مقدمتها موقفه من الحضارة العربية الإسلامية ودورها في التطور الإنساني، وتجاهل الكثير من تلك الـدول لتطلعات شعوب العالم الإسلامي، فضلا عن الميل للتدخل في شؤونها الداخلية على امتداد هذا العالم.
وعموما، يمكن القول: إن كل حضارة غالبا ما تطرح مشكلاتها مع غيرها على أساس التعريف بها بشكل صحيح [2] . ولا شك أنه في ظل غياب الثقة بين الحضارات تصبح هذه العملية غاية في الصعوبة، وربما على العكس تزداد الفجوة فيما بينها، وبالتالي لا تتحقق الغاية المنشودة فتكون النتيجة عكسية، حيث التناقض والتنافر. [ ص: 89 ]