الفرع الثاني: تداول الصكوك في إجارة الموصوف في الذمة:
يجـوز شـرعـا تـداول الـصـكوك، الـتي تـمـثـل أصـولا ثـابـتـة مؤجـرة أو منافع أو خدمات حقيقية، أما الصكوك التي تمثل أصولا لم يتم إنشاؤها بعد عند إصـدار الصـكوك، أو تـمـثـل منـافع لمنشآت أو خدمات مؤسسية لم توجد بعد، فيحرم تداولها، طالما أنها ما زالت غير متمثلة بأعيان يمكن التأكد من حقيقة وجودها.
وذلك؛ لأن مـالك الصـك يـبـيـع مـا ليـس بيـده من المنفعـة المـوصـوفـة في الـذمـة، وقد لا يقدر على تسـلـيـمها، وذلك غرر فلا يجوز، ولئلا يربح فيما لم يضمن. وقد ذهب الحنفية والشافعية في الأظهر والحنابلة إلى منع تمليك الدين لغير من هو عليه، سواء أكان بعوض أم بغير عوض [1] .
أما بعد أن تتمثل هذه الصكوك بأعيان حقيقية - ولو غير مكتملة البناء أو التركيب- فإن صفة المديونية [2] تنقطع عنها ويمكن تداولها؛ لأنها متمثلة بأعيان حقيقية قابلة للبيع بسعر سوقي. [ ص: 133 ]
وهو ما ذهب إليه نص قرار هيئة المحاسبة والمراجعة للمؤسسات المالية الإسلامية في الفقرة ( 5 / 2 /8) من معيار صكوك الاستثمار [3] ، وكذا قرار مجمع الفقه الإسلامي رقم 196 ( 2 / 21 )، وقد جاء فيه:
"لا يجوز تداول صكوك ملكية منافع الأعيان الموصوفة في الذمة قبل تعيين العين، التي تستوفى منها المنفعة. ولا يجوز تداول صكوك ملكية الخدمات، التي تستوفى من طرف موصوف في الذمة قبل تعيين الطرف، الذي تستوفى منه الخدمة إلا بمراعاة ضوابط التصرف في الديون. فإذا تعين الطرف جاز تداول الصكوك. ولا يجوز تداول الصكوك، التي تمثل أعيانا تستصنع مع تأجيرها إجارة موصوفة في الذمة قبل البدء الحقيقي للشيء المستصنع". [ ص: 134 ]