الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
( رجل ) غصب جارية شابة فكانت عنده حتى صارت عجوزا ، فإن صاحبها يأخذها وما نقصها ; لأنها صارت مضمونة على الغاصب بجميع أجزائها ، وقد فات وصف مقصود منها ، وهو الشباب ، فعلى الغاصب ضمان ذلك اعتبارا للجزء بالكل .

وكذلك لو غصبه غلاما شابا فكان عنده حتى هرم ; لأنه فات بعض ما هو مقصود منه ، وهو قوة الشباب ، والهرم نقصان في العين ، وهذا بخلاف ما لو غصبه صبيا فشب عنده ; لأنه ازداد عند الغاصب بما حدث له من قوة الشباب .

وكذلك لو نبت شعره عند الغاصب ; لأنه ازداد جمالا عنده .

فإن اللحية جمال ; ولهذا يجب بحلقها من الحر عند اقتبال المنبت كمال الدية ، والغاصب بالزيادة عنده لا يصير ضامنا شيئا .

ولو كان محترفا بحرفة فنسي ذلك عند الغاصب كان ضامنا للنقصان ; لأنه فات ما كان مقصودا منه عند الغاصب ، وما يزيد في ماليته

( فإن قيل : ) عدم العلم بالحرفة ليس بنقصان في العين ; ولهذا لا يثبت به حق الرد بالعيب ( قلنا : ) نعم ، ولكن إذا وجد فهو زيادة في العين ; ولهذا يستحق في البيع بالشرط ، ويثبت حق الرد عند فواته فيضمن الغاصب باعتباره النقصان أيضا .

وكذلك إن غصب ثوبا من رجل فعفن عنده واصفر فقد انتقصت ماليته بما حدث في العين عند الغاصب فكان ضامنا للنقصان . ولو غصب طعاما حدثا فأمسكه حتى عفن عنده فعليه طعام مثله ، وهذا الفاسد للغاصب ; لأن دفع الضرر عن المالك يتضمن النقصان ، والنقصان هنا متعذر فيصار إلى دفع الضرر عنه بتضمين المثل إلا أن يرضى المالك بأخذ الطعام العفن فيأخذه ، ولا شيء له سواه .

التالي السابق


الخدمات العلمية