الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
{ وعن عائشة رضي الله تعالى عنها أنه أهدي لها ضب فسألت رسول الله صلى الله عليه وسلم عن أكله فكرهه فجاء سائل فأرادت أن تطعمه إياه فقال : صلوات الله وسلامه عليه أتطعمين ما لا تأكلين } وبهذا نأخذ فنقول : لا يحل أكل الضب ، وقال الشافعي رحمه الله تعالى يحل لحديث ابن عمر رضي الله تعالى عنهما أن { النبي صلى الله عليه وسلم سئل عن الضب فقال : لم يكن من طعام قومي فأجد نفسي تعافه فلا أحله ولا أحرمه } وفي { حديث ابن عباس رضي الله تعالى عنهما قال : أكل الضب على مائدة رسول الله صلى الله عليه وسلم ، وفي الآكلين أبو بكر رضي الله تعالى عنه كان ينظر إليه ويضحك } واعتمادنا على حديث عائشة رضي الله تعالى عنها فيه يبين أن امتناع رسول الله صلى الله عليه وسلم عن أكله لحرمته لا لأنه كان يعافه ، ألا ترى أنه نهاها عن التصدق به ، ولو لم يكن كراهية الأكل للحرمة لأمرها بالتصدق به ، كما أمرها به في شاة الأنصاري بقوله : { أطعموها الأسارى } والحديث الذي فيه دليل الإباحة محمول على أنه كان قبل ثبوت الحرمة ، ثم الأصل أنه متى تعارض الدليلان أحدهما يوجب الحظر والآخر يوجب الإباحة يغلب الموجب للحظر ، وقال بعض المتأخرين رحمهم الله تعالى : حرمة الضب ; لأنه من الممسوخات على ما روي أن فريقين من عصاة بني إسرائيل أخذ [ ص: 232 ] أحدهما طريق البحر ، والآخر طريق البر ، فمسخ الذين أخذوا طريق البر ضبابا ، وقردة ، وخنازير ( وروي ) هذا الأثر عن رسول الله صلى الله عليه وسلم ، ولكنه غير مشهور .

ثم قد بينا أن الممسوخ لا نسل له ولا بقاء ، فهذا الذي يوجد الآن ليس بممسوخ ، وإن نسخ قوم من جنسه ، ولكنه من الخبائث ; ولهذا عافه رسول الله صلى الله عليه وسلم ، فيدخل تحت قوله تعالى { ويحرم عليهم الخبائث } لكونه مستخبثا طبعا كسائر الهوام .

التالي السابق


الخدمات العلمية