الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
( قال ) فإن كان لأحدهما ألف درهم وللآخر مائة دينار فخلطا أو لم يخلطا ; فهما سواء لأنهما لا يختلطان . وقد بينا أن خلط المالين في النقود ليس بشرط لصحة عقد الشركة ، فأيهما هلك هلك من مال صاحبه ; لأنه بقي على ملكه بعد عقد الشركة ، وكل واحد منهما أمين في رأس مال صاحبه سواء هلك في يده أو في يد صاحبه ; يكون هلاكه عليه . ثم الشركة تبطل بهلاك أحد المالين ; لأن المقصود بالشركة التصرف بها ، لا عينها . فإذا اعترض بعد العقد قبل حصول المقصود ما لو اقترن بالعقد كان مانعا من العقد ، فكذلك إذا اعترض يكون مبطلا كالتخمر في العصير المشترى قبل القبض ، والكساد في الفلوس . وانعدام رأس المال لأحدهما لو اقترن بالعقد كان مانعا ، فكذا إذا اعترض . والمشترى بالمال الباقي بعد ذلك يكون لصاحبه خاصة ، هكذا يقول في [ ص: 164 ] بعض المواضع . وفي بعض المواضع يقول : إذا اشترى الآخر بماله بعد ذلك يكون المشترى بينهما نصفين ، ويرجع المشترى على صاحبه بنصف ما نقد من الثمن ، وإنما اختلف الجواب لاختلاف الموضوع . فحيث قال : يكون الباقي مشتريا لنفسه خاصة ، وضع المسألة فيما إذا أطلقا الشركة ; فيكون المشترى بمال أحدهما مشتركا بينهما عند الإطلاق من قضية عقد الشركة ، وقد بطلت بهلاك مال أحدهما ; فيكون الآخر مشتريا لنفسه . وحيث قال : المشترى بمال آخر ، لا بينهما . وضع المسألة فيما إذا صرحا عند عقد الشركة على أن ما اشتراه كل واحد منهما بماله هذا يكون مشتركا بينهما . وعند هذا التصريح الشركة في المشترى من قضية الوكالة ; لأن كل واحد منهما قد وكل صاحبه بالشراء بماله نصا على أن يكون نصف المشترى له . والشركة وإن بطلت بهلاك أحد المالين فالوكالة باقية ; فلهذا كان المشترى بينهما نصفين ، ويرجع المشتري على صاحبه بنصف الثمن ; لأنه اشترى له النصف بحكم الوكالة ، ونقد الثمن من مال نفسه ، فيرجع به عليه . وإذا تأملت موضوع المسألة في كل موضع يتبين لك صحة الجواب من غير حاجة إلى الفرق ، ومن غير تناقض في الجواب .

التالي السابق


الخدمات العلمية