وإذا فالزرع له ; لأنه حصل بعمله من بذره ، وهذا بخلاف ما إذا غصب الرجل الأرض وزرعها ، فإن الولد هناك يكون لصاحبها ; لأن حصول الولد بحضانتها في رحمها لا بفعل الواطئ ، فإن ماء الفحل [ ص: 150 ] يصير مستهلكها بالاختلاط بمائها ، ولأن الولد في حكم جزء من عينها ، وهي بجميع أجزائها مملوكة للمغصوب منه ، فأما الزرع ليس بجزء من الأرض ، ألا ترى أنه من جنس البذر ، وأنه حاصل بعمل الزارع كما قررناه في الغصب ، ثم الزارع ضامن لما نقص الأرض عندنا ، وعلى قول غصب جارية فأحبلها رحمه الله لا ضمان عليه ; لأن العقار لا يكون مضمونا بالغصب ، والنقصان لم يحصل بفعله ، ولأن النقصان في الأرض من حيث تقليل المنفعة والريع ، والمنفعة لا تكون مضمونة على الغاصب ، ولكنا نقول : قد انتقص مالية العين بفعله ، وهو الزراعة فكان متلفا بقدر النقصان ، والعقار يضمن بالإتلاف كما لو هدم الأبنية أو قلع الأشجار ، ثم يرفع من الزرع مقدار بذره ، وما أنفق فيه وما غرم من نقصان الأرض ، ويتصدق بالفضل في قول ابن أبي ليلى أبي حنيفة رحمهما الله ; لأنه حصل له بكسب خبيث ، وفي قول ومحمد أبي يوسف رحمهما الله لا يتصدق بشيء ; لأنه حصل له بزراعته ، وهو سبب مشروع للاكتساب ، وقد بينا هذا في الغصب . وابن أبي ليلى