الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
قال : ( فإن اشتريا متاعا على المال فنقدا الثمن من الدراهم ، ثم هلكت الدنانير فإنها تهلك من مال صاحبها خاصة ) ; لبقائها على ملكه بعد الشراء بالدراهم ، والمشترى بالدراهم بينهما على قدر رءوس أموالهما ; لأن الشركة كانت قائمة بينهما حين اشتريا بالدراهم وصار المشترى مشتركا بينهما ; فلا يتغير ذلك بهلاك الدنانير بعد ذلك ، ولكن يرجع صاحب الدراهم على صاحب الدنانير من ثمن المتاع بقدر حصته من المتاع ; لأنه اشترى ذلك القدر له بوكالته ، ونقد الثمن من مال نفسه . وإنما رضي بذلك على أن يشتري الآخر بالدنانير لهما ، وينقد الثمن من مال نفسه . فإذا فات ذلك رجع بما نقد من ثمن حصته من دراهمه ، ( ثم ) لم يذكر أن شركتهما في المتاع المشترى شركة عقد أو شركة ملك ، وفيه اختلاف بين محمد والحسن - رحمهما الله تعالى - " فعند محمد هي شركة عقد حتى إذا باعه أحدهما نفذ بيعه في الكل ، " وعند الحسن رحمه الله " هي شركة ملك حتى لا ينفذ بيع أحدهما إلا في حصته ; لأن شركة العقد قد بطلت بهلاك الدنانير كما لو هلكت قبل الشراء بالدراهم ، وإنما بقي ما هو حكم الشراء - وهو الملك - ; فكانت شركتهما في المتاع شركة ملك . وجه قول محمد رحمه الله أن هلاك الدنانير كان بعد حصول ما هو المقصود بالدراهم - وهو الشراء بها - ; فلا يكون مبطلا شركة العقد بينهما في ذلك كما لو كان الهلاك بعد الشراء بالمالين جميعا .

التالي السابق


الخدمات العلمية