والحيوانات نوعان : نوع منها ; لأن ما لا دم له ، فلا يحل تناول شيء منها إلا السمك ، والجراد الذكاة شرعا ، وذلك لا يتحقق له فيما لا دم له ، إلا أن السمك والجراد مستثنى بالنص مما شرط فيه الذكاة لقوله صلى الله عليه وسلم : { شرط تناول الحيوانات } وماله دم نوعان مستأنس ، ومستوحش ، فالذي يحل تناوله من المستأنس بالاتفاق الأنعام ، وهي الإبل والبقر والغنم والدجاج ، وذلك ثابت بالكتاب قال الله تعالى : { أحلت لنا ميتتان ودمان أما الميتتان فالسمك والجراد ، وأما الدمان فالكبد والطحال والأنعام خلقها لكم فيها دفء ومنافع ومنها تأكلون } وقال تعالى : { جعل لكم الأنعام لتركبوا منها ومنها تأكلون } وفيما سواها من المتأنس نبينه في موضعه إن شاء الله تعالى .
والمستوحش نوعان : منها لا يحل تناول شيء منها سوى السمك ، ومنها صيد البحر ، ويحل تناولها إلا ما له ناب أو مخلب { صيد البر أكل كل ذي ناب من السباع ، وكل ذي مخلب من الطير } ولمعنى الخبث فيهما ، فإن من طبعهما الاختطاف والانتهاب ، فلا بد من ظهور أثر ذلك في خلق المتناول للغذاء من الأثر في ذلك ، كما قال صلى الله عليه وسلم : { لنهي النبي صلى الله عليه وسلم عن لا ترضع لكم الحمقاء ، فإن اللبن يعدي } والمستخبث حرام بالنص لقوله تعالى : { ويحرم عليهم الخبائث } ولهذا حرم ، فإنها مستخبثة طبعا ، وإنما أبيح لنا أكل الطيبات قال الله تعالى : { تناول الحشرات يا أيها الذين آمنوا كلوا من طيبات ما رزقناكم } فقد أكرم المؤمنين بهذا الخطاب حيث خاطبهم بما خاطب به الرسل صلوات الله وسلامه عليهم حيث [ ص: 221 ] قال : { يا أيها الرسل كلوا من الطيبات } الآية .