الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
                                                                                                                            معلومات الكتاب

                                                                                                                            مواهب الجليل في شرح مختصر خليل

                                                                                                                            الحطاب - محمد بن محمد بن عبد الرحمن الرعينى

                                                                                                                            صفحة جزء
                                                                                                                            ص ( وأقتت بالجداد ) ش يعني أن الشأن في المساقاة أن تؤقت بالجذاذ ، ولم يبين - رحمه الله - هل التوقيت بذلك شرط في صحة المساقاة ، أو ليس بشرط ، والذي يقتضيه كلامه في المدونة : أن ذلك ليس بشرط قال فيها : والشأن في المساقاة إلى الجداد ، ولا يجوز شهرا ، ولا سنة محدودة ، وهي إلى الجداد إذا لم يؤجلا انتهى .

                                                                                                                            وقال ابن عبد السلام في قول ابن الحاجب ويشترط تأقيتها وأقله إلى الجذاذ ، وإن أطلق حمل عليه اشتراط الأجل مع الحكم بصحة عقد المساقاة المطلقة بعد ، فإن قلت : مراده أن وجود الجهالة في العقد يفسده ، وهو أمر زائد على إطلاق العقد قلت : فعلى هذا تكون الجهالة مانعة من الصحة ; لأن التأقيت شرط في الصحة انتهى .

                                                                                                                            ، وقال أبو الحسن : قوله : ولا تجوز شهرا ، ولا سنة محدودة ظاهره كان الأجل ينقضي قبل الجداد ، أو بعده فهذا لا يجوز ; لأنه إن كان لا ينقضي إلا بعد الجذاذ فهي زائدة اشترطها العامل على رب الحائط ; لأن رب الحائط يعمل في نصيبه فلهذا قال لا تجوز شهرا ، ولا سنة محدودة انتهى .

                                                                                                                            وقال ابن رشد في سماع أشهب مسألة : وسألته عن الذي ساقى ثلاث سنين أليس ذلك من جذاد إلى جذاذ ؟ قال : بلى ، قال ابن رشد : هذا مما لا اختلاف فيه أعلمه ; لأن السنين في المساقاة إنما هي بالأجدة لا بالأهلة بخلاف القبالات التي إنما هي بالأهلة لا بالأجدة ، فإن ساقاه السنين واشترط أحدهما على صاحبه الخروج قبل الجذاذ ، أو بعده رد في ذلك إلى مساقاة مثله انتهى .

                                                                                                                            ، وقال اللخمي المساقاة إلى السنتين والثلاث على وجهين إن أريد انقضاء السقي بانقضاء الثمرة التي تكون في تلك السنين جاز ، وإن كان القصد التمادي بالعمل إلى انقضاء شهور تلك السنة ، وإن جدت الثمرة لم تجز وكان العامل في السنين الأولى على مساقاة مثله ، وفي العام الأخير من حين تجد الثمرة إلى آخر ذلك العام على إجارة مثله انتهى .

                                                                                                                            ( قلت : ) فتحصل من هذا أن المطلوب في المساقاة أن تؤقت بالجداد سواء عقداها لعام واحد ، أو لسنين متعددة ، فإن عقداها وأطلقا حملت على الجداد وعلى أنها لعام واحد ، وإن عقداها لسنة أو لسنتين وأطلقا حملت أيضا على الأجدة ، وإن أراد التحديد بالسنة العربية ، أو السنين العربية لم يجز وتفسد المساقاة بذلك وسيأتي شيء من هذا عند قول المصنف وسنين .

                                                                                                                            التالي السابق


                                                                                                                            الخدمات العلمية