ولما أمر صريحا؛ ونهى تلويحا؛ ورغب؛ ورهب؛ ووبخ؛ وقرع؛ وبين جلالة من آمن به؛ ومن كانوا سببا في ذلك؛ أنكر على من يفعل غيره بالإنكار على نفسه؛ محقرا لمن عبدوه من دون الله؛ وهم غارقون في نعمه؛ فقال - مشيرا بصيغة الافتعال؛ إلى أن في ذلك مخالفة للفطرة الأولى -: أأتخذ ؛ وبين علو رتبته - سبحانه - بقوله: من دونه ؛ أي: سواء؛ مع دنو المنزلة; وبين عجز ما عبدوه بتعدده؛ فقال: آلهة ؛ ثم حقق ذلك بقوله - مبينا بأداة الشك أن النفع أكثر من الضر؛ ترغيبا فيه - سبحانه -: إن يردن ؛ إرادة خفيفة؛ بما أشار إليه حذف الياء؛ أو شديدة؛ بما أشار إليه إثباتها؛ ظاهرة؛ بما دل عليه تحريكها؛ أو خفية بما نبه عليه إسكانها. [ ص: 112 ] ولما ذكرهم بإبداعه - سبحانه - له؛ إرشادا إلى أنهم كذلك؛ صرح بما يعمهم؛ فقال: الرحمن ؛ أي: العام النعمة على كل مخلوق؛ من العابد؛ والمعبود؛ وحذرهم بقوله: بضر ؛ وأبطل أنهى ما يعتقدونه فيها بقوله: لا تغن عني ؛ أي: وكل أحد مثلي في هذا؛ شفاعتهم ؛ أي: لو فرض أنهم شفعوا؛ ولكن شفاعتهم لا توجد شيئا ؛ من إغناء.
ولما دل بإفراد الشفاعة على عدهم عدما؛ ولو اتحدت شفاعتهم؛ وتعاونهم؛ في آن واحد؛ دل بضمير الجمع على أنهم كذلك؛ سواء كانوا مجتمعين؛ أو متفرقين؛ فقال: ولا ينقذون ؛ أي: من مصيبته؛ إن دعا الأمر إلى المشاققة بما أراده؛ فإنه بمجرد إرادته يكون مراده؛ إنقاذا ضعيفا - بما أشار إليه من حذف الياء -؛ ولا شديدا - بما دل عليه من أثبتها؛ ظاهرا خفيا؛