الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
                                                                                                                                                                                                                                      صفحة جزء
                                                                                                                                                                                                                                      فقال ؛ أي: عقب هذه النظرة؛ موهما أنها سببه؛ ولما كان بدنه صحيحا؛ فكان بصدد أن يتوقف في خبره؛ أكد؛ فقال: إني سقيم ؛ فأوهم أن مراده أنه مريض الجسد؛ وأراد أنه مريض القلب بسبب آلهتهم؛ مقسم الفكر في أمرهم؛ لأنه يريد أمرا عظيما؛ وهو كسرها؛ ومادة "سقم"؛ بتقاليبها الخمسة: "سقم"؛ "سمق"؛ "قسم"؛ "قمس"؛ "مقس"؛ تدور على القسم؛ فـ "السقام"؛ كـ "سحاب"؛ و"جبل"؛ و"قفل": المرض؛ أي: [ ص: 255 ] لأنه يقسم القوة؛ والفكر؛ وقال ابن القطاع: "سقم": طاوله المرض؛ وقسمه: جزأه؛ و"الدهر القوم": فرقهم؛ و"القسم"؛ بالكسر: النصيب؛ و"القسم"؛ أي بالفتح: العطاء؛ ولا يجمع؛ والرأي؛ والشك؛ والعيب؛ والماء؛ والقدر؛ والخلق؛ والعادة؛ ويكسر فيهما؛ والتفريق ظاهر في ذلك كله؛ أما العطاء فيفرق المال ويقسمه؛ والرأي يقسم الفكر؛ والشك كذلك؛ والعيب يقسم العرض؛ والماء في غاية ما يكون من سهولة القسم؛ والقدر يفصل صاحبه من غيره؛ وكذا الخلق والعادة؛ و"المقسم"؛ كـ "معظم": المهموم؛ لتوزع فكره؛ والجميل؛ لأنه يقسم القول في وصفه؛ و"القسم"؛ محركة: اليمين بالله؛ و"قد أقسم"؛ أي: أزال تقسيم الفكر؛ و"القسامة": الحسن؛ لأنه يوزع فكر الناظر؛ وجونة العطار كذلك؛ لطيب ريحها؛ و"القسام"؛ كـ "سحاب": شدة الحر؛ لأنها تزعج الفكر فتقسمه؛ أو هو أول وقت الهاجرة؛ أو وقت ذرور الشمس؛ وهي حينئذ أحسن ما تكون مرآة؛ فينقسم الفكر فيها لحسنها إذ ذاك؛ وما يطرأ عليها بعده؛ و"القمس": الغوص؛ لأن الغائص قسم الماء بغوصه؛ و"القمس"؛ أيضا: اضطراب الولد في البطن؛ لأنه يقسم الفكر؛ ويكاد أن يقسم البطن باضطرابه؛ و"القاموس": معظم البحر؛ لأن البحر قسم الأرض؛ ومعظمه [ ص: 256 ] أحق بهذا الاسم؛ و"القوامس": الدواهي؛ لتقسيمها الفكر؛ و"انقمس النجم": غرب؛ أي: أخذ قسمه من الغروب؛ كما أخذه من الشروق؛ أو أزال التقسيم بالسير؛ و"مقسه في الماء": غطه؛ فانقسم الماء بغمسه فيه؛ و"القربة": ملأها؛ فصير فيها من الماء ما يسهل قسمه؛ وأخذه الماء الذي وضعه فيها تقسيم للماء المأخوذ منه؛ و"مقس الشيء": كسره؛ و"الماء": جرى؛ فانقسم؛ وقسم الأرض؛ و"هو يمقس الشعر كيف شاء"؛ أي: يقوله؛ فيقسمه من باقي الكلام؛ و"التقميس في الماء": الإكثار من صبه؛ فإن ذلك تقسيم له؛ و"سمق سموقا": علا؛ وطال؛ فصار بطوله يقبل من القسمة ما لا يقبله ما هو دونه.

                                                                                                                                                                                                                                      التالي السابق


                                                                                                                                                                                                                                      الخدمات العلمية