الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
                                                                                                                                                                                                                                      صفحة جزء
                                                                                                                                                                                                                                      ولما دربهم على النظر بآيات الأعيان الحسية الدالة على القدرة الباهرة؛ لا سيما على البعث؛ رقاهم إلى المعاني على ذلك النحو؛ فإن إيجاد كل من الملوين؛ بعد إعدامه؛ أدل دليل على البعث؛ فقال - ناقلا لهم من المكان الكلي إلى الزمان الكلي؛ الجامعين للجواهر؛ والأعراض -: وآية لهم ؛ أي: على إعادة الشيء بعد إفنائه؛ الليل ؛ أي: الذي يشاهدونه؛ لا شك عندهم فيه؛ ولا حيلة بوجه في رفعه; ثم استأنف قوله: نسلخ ؛ عائدا إلى مظهر العظمة؛ دلالة على جلالة هذا الفعل بخصوصه.

                                                                                                                                                                                                                                      ولما كان الأصل في هذا الوجود الظلام؛ والضياء حادث؛ وكان ضياؤه ليس خالصا؛ عبر بـ "من"؛ التي تصلح للملابسة؛ مع التخلل في الأجزاء؛ فقال: منه النهار ؛ أي: الذي كان مختلطا به؛ بإزالة الضوء؛ وكشفه عن حقيقة الليل؛ فإذا هم ؛ بعد إزالتنا للنهار الذي سلخناه من الليل؛ مظلمون ؛ أي: داخلون في الظلام؛ بظهور الليل؛ الذي كان الضياء ساترا له؛ كما يستر الجلد الشاة؛ قال الماوردي : وذلك أن ضوء [ ص: 129 ] النهار يتداخل في الهواء؛ فيضيء؛ فإذا خرج منه أظلم؛ نقله ابن الجوزي عنه؛ وقد أرشد السياق حتما إلى أن التقدير: "والنهار نسلخ منه الليل الذي كان ساتره؛ وغالبا عليه؛ فإذا هم مبصرون".

                                                                                                                                                                                                                                      التالي السابق


                                                                                                                                                                                                                                      الخدمات العلمية